من طرف فريق العمل الثلاثاء 24 ديسمبر 2013 - 11:27
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام الصلاة وما يتعلق بها
رقم الفتوى: ( 1128 )
الموضوع:
صلاة الجنازة وستر الجثة عند نقلها.
المفتى:
فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق.10ربيع الآخر 1401هجرية
المبادئ :
1 - التكبير فى صلاة الجنازة قائم مقام الركعات بإجماع الفقهاء وهو أربع، واختلفوا فى الزيادة عليها، مع رفع اليدين فى التكبيرة الأولى باتفاق واختلفوا فيما بعدها.
2 - الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة باتفاق الأئمة، وبعد الصلاة مشروع فى كل وقت.
3 - ستر الميت رجلا كان أو امرأة عند نقله إلى القبر مستحب.
4 - المسجد ليس شرطا فى صحة الصلاة مطلقا فرادى أو جماعة، والأصح جواز إقامة الصلاة المفروضة جماعة فى البيت كإقامتها فى المسجد.
5 - اسقط العلماء وجوب صلاة الجمعة عن الأعمى عند تعذر الوصول بنفسه إلى المسجد بدون مشقة ولم يجد من يقوده إليه، وأبو حنيفة وفقهاء مذهب الإمام أحمد على سقوطها عنه مطلقا ، والإمامان مالك والشافعى على وجوبها عليه إن وجد قائدا ، ويسرى هذا الحكم فى شأن الجماعة فى الفروض الأخرى مع اختلاف فى حكمها بين الوجوب العينى والكفائى والسنة المؤكدة.
سُئل :
بالطلب القدم من السيد / م ص م من السودان - بالأسئلة التالية :
1 - ما الحكم فى مشروعية تكبير المأمومين وراء الإمام فى صلاة الجنازة والدعاء للميت بعد الصلاة.
2 - هل فى أحكام الشرع نقل الجثة إلى المقابر بدون عمل أى سترة كغطاء - بالملاية مثلا - وينقل الميت إلى المقابر بكفنه فقط.
3 - ما الحكم فى إقامة صلاة الجماعة فى أى مكان خلاف المسجد ولو كان هناك بعد فى المسافة والناس يسمعون الأذان من المسجد بواسطة مكبر الصوت.
4 - ماذا يعنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الضرير الذى كان معتادا الصلاة فى المسجد، ثم أراد التخلف بحجة أنه لا يجد أحدا يوصله إلى المسجد فرخص له الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد ما خطا خطوات ناداه رسول الله عليه وسلم وسأله أيسمع النداء فقال نعم قال فأجب. وطلب السائل بيان قصد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلمة ( فأجب ) وهل تعتبر هذه الكلمة أمرا من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرجل الضرير بالحضور إلى المسجد، أم قصد الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة شيئا آخر.
أجاب :
عن السؤال الأول : التكبير فى صلاة الجنازة قائم مقام الركعات وقد أجمع الفقهاء على أن التكبيرات على الميت أربع، وأن على المأمومين متابعة الإمام فيها، واختلفوا فيما إذا زاد الإمام على أربع تكبيرات - فقال الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى لا يتابعه المأمومون - وهو رواية عن الإمام أحمد، وعنه رواية أخرى بالمتابعة فى التكبيرة الخامسة. ورواية ثالثة فى المتابعة إلى السابعة. ونميل للعمل بوجوب متابعة المأمومين للإمام فى التكبيرات الأربع فقط. وقد أجمع أهل العلم على أن المصلى على الجنازة يرفع يديه فى التكبيرة الأولى فقط، واختلفوا فى الثلاثة الأخرى. فقال الإمامان الشافعى وأحمد باستحباب رفع اليد فيها، ومنع الرفع فيها الإمامان أبو حنيفة ومالك. أما الدعاء للميت فإنه بعد التكبير الثالثة باتفاق الأئمة ، أما الدعاء له بعد الصلاة. فالدعاء للميت مشروع فى كل وقت أخذا بالحديث الشريف الذى رواه أبو هريرة عند مسلم وأهل السنن ونصه ( نيل الأوطار ج 4 ص 93 ) ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقه جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ).
وعن السؤال الثانى : فى فقه مذهب الإمام الشافعى : أنه يستحب ستر الميت رجلا كان أو امرأة عند نقله إلى القبر، وقال الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد يستحب هذا فى المرأة فقط. وما قال به الفقه الشافعى فى هذا الموضوع أولى بالعمل به.
وعن السؤال الثالث : إن المسجد ليس شرطا فى صحة الصلاة مطلقا سواء كانت تؤدى فرادى أو جماعة. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ( نيل الأوطار ج 1 ص 259 ) ( جعلت لى الأرض مسجدا طهورا فأينما أدركتنى الصلاة تمسحت وصليت ) رواه البخارى ومسلم. وقد اختلف العلماء فى إقامة الجماعة فى الصلاة المفروضة فى البيت ، والأصح أنها جائزة لإقامتها فى المسجد. ومن ثم تصح الجماعة فى الفروض فى أى مكان طاهر غير المسجد ولو كان أهل هذه الجماعة يسمعون الأذان من المسجد سواء عن طريق مكبر للصوت أو بدونه. ولكن الأولى هو تلبية هذا النداء وإقامة الجماعة فى المسجد، لما فى ذلك من تكثير جمع المصلين وتعمير المساجد بكثرة روادها والمصلين فيها.
عن السؤال الرابع : أسقط العلماء وجوب صلاة الجمعة عن الأعمى إذا تعذر عليه الوصول بنفسه إلى المسجد بدون مشقة ولم يجد من يقوده إليه - وقال فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل : إن الجمعة تسقط عنه حتى إن أمكنه الوصول بنفسه إلى المسجد بدون مشقة - وقال الإمام أبو حنيفة : لا تجب عليه وإن وجد قائدا - وقال الإمامان مالك والشافعى : تجب عليه إذا وجد قائدا - هذا فى شأن صلاة الجمعة التى قال فى شأنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد هممت أن آمر رجلا يصلى بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ) رواه مسلم. وفى شأن الجماعة فى الفروض الأخرى مع اختلاف الفقهاء فى حكمها بين الوجوب العينى والكفائى والسنة المؤكدة الشبيهة بالواجب يسرى ذلك الحكم أيضا. أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأعمى الذى استرخص فى عدم الذهاب إلى المسجد لأنه لا يجد قائدا : أتسمع النداء - قال : نعم ، قال : فأجب ، فيحمل على أن هذا الأعمى كان فى غير حاجة إلى من يقوده إلى المسجد وإنما يهتدى إليه بنفسه. ويحمل أيضا على أن المقصود بعبارة : فأجب. أى قل مثل ما يقول المؤذن ، وهذا الاحتمال هو الأولى والأقرب ، لأنه بعد الترخيص له بعدم حضور صلاة الجماعة علمه الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشارك به ويجيب المؤذن. وعلى هذا يكون الأمر فى هذه العبارة للندب، ويؤكده الأحاديث الشريفة الواردة فى إجابة المؤذن. وقد قال الفقهاء بأن إجابة المؤذن مندوبة على خلاف بينهم فى عبارات الإجابة. والله سبحانه وتعالى أعلم.