منتدى قوت القلوب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر

    avatar
    فريق العمل
    Admin


    المساهمات : 2671
    تاريخ التسجيل : 22/12/2013

    ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر Empty ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر

    مُساهمة من طرف فريق العمل الخميس 15 مايو 2014 - 10:40

    ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر Ashba10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة العلوم الشرعية
    الأشباه والنظائر للسيوطي
    الكتاب الأول في شرح القواعد الخمس
    ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر
    ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر 1410
    ● [ القاعدة السادسة ] ●
    العادة محكمة

    قال القاضي أصلها قوله ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن قال العلائي ولم أجده مرفوعا في شيء من كتب الحديث أصلا ولا بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف والسؤال وإنما هو من قول عبدالله بن مسعود موقوفا عليه أخرجه أحمد في مسنده.
    اعلم أن اعتبار العادة والعرف رجع إليه في الفقه في مسائل لا تعد كثرة فمن ذلك سن الحيض والبلوغ والإنزال وأقل الحيض والنفاس والطهر وغالبها وأكثرها وضابط القلة والكثرة في الضبة والأفعال المنافية للصلاة والنجاسات المعفو عن قليلها وطول الزمان وقصره في موالاة الوضوء في وجه والبناء على الصلاة في الجمع والخطبة والجمعة وبين الإيجاب والقبول والسلام ورده والتأخير المانع من الرد بالعيب وفي الشرب وسقي الدواب من الجداول والأنهار المملوكة إقامة له مقام الإذن اللفظي وتناول الثمار الساقطة وفي إحراز المال المسروق وفي المعاطاة على ما اختاره النووي وفي عمل الصناع على ما استحسنه الرافعي وفي وجوب السرج والإكاف في استئجار دابة للركوب والحبر والخيط والكحل على من جرت العادة بكونها عليه وفي الاستيلاء في الغصب وفي رد ظرف الهدية وعدمه وفي وزن أو كيل ما جهل حاله في عهد رسول الله فإن الأصح أنه يراعى فيه عادة بلد البيع وفي إرسال المواشي نهارا وحفظها ليلا ولو اطردت عادة بلد بعكس ذلك اعتبرت العادة في الأصح وفي صوم يوم الشك لمن له عادة وفي قبول القاضي الهدية ممن له عادة وفي القبض والإقباض ودخول الحمام ودور القضاة والولاة والأكل من الطعام المقدم ضيافة بلا لفظ وفي المسابقة والمناضلة إذا كانت للرماة عادة في مسافة تنزل المطلق عليها وفيما إذا اطردت عادة المتبارزين بالأمان ولم يجر بينهما شرط فالأصح أنها تنزل منزلة الشرط وفي ألفاظ الواقف والموصي وفي الأيمان وسيأتي ذكر أمثلة من ذلك ويتعلق بهذه القاعدة مباحث:

    ● [ المبحث الأول ] ●
    فيما تثبت به العادة

    وفي ذلك فروع أحدها الحيض قال الإمام والغزالي وغيرهما العادة في باب الحيض أربعة أقسام.
    ● أحدها ما تثبت فيه بمرة بلا خلاف وهو الاستحاضة لأنها علة مزمنة فإذا وقعت فالظاهر دوامها وسواء في ذلك المبتدأة والمعتادة والمتحيرة.
    ● الثاني مالا يثبت فيه بالمرة ولا بالمرات المتكررة بلا خلاف وهي المستحاضة إذا انقطع دمها فرأت يوما دما ويوما نقاء واستمر لها أدوار هكذا ثم أطبق الدم على لون واحد فإنه لا يلتقط لها قدر أيام الدم بلا خلاف وإن قلنا باللقط بل نحيضها بما كنا نجعله حيضا بالتلفيق وكذا لو ولدت مرارا ولم تر نفاسا ثم ولدت وأطبق الدم وجاوز ستين يوما فإن عدم النفاس لا يصير عادة لها بلا خلاف بل هذه مبتدأة في النفاس.
    ● الثالث مالا يثبت بمرة ولا بمرات على الأصح وهو التوقف عن الصلاة ونحوها بسبب تقطع الدم إذا كانت ترى يوما دما ويوما نقاء.
    ● الرابع ما يثبت بالثلاث وفي ثبوته بالمرة والمرتين خلاف والأصح الثبوت وهو قدر الحيض والطهر الثاني الجارحة في الصيد لا بد من تكرار يغلب على الظن أنه عادة ولا يكفي مرة واحدة قطعا وفي المرتين والثلاث خلاف الثالث القائف لا خلاف في اشتراط التكرار فيه وهل يكتفى بمرتين أو لا بد من ثلاث وجهان رجح الشيخ أبو حامد وأصحابه اعتبار الثلاث وقال إمام الحرمين لا بد من تكرار يغلب على الظن به أنه عارف.
    الرابع اختبار الصبي قبل البلوغ بالمماكسة قالوا يختبر مرتين فصاعدا حتى يغلب على الظن رشده.
    الخامس عيوب البيع فالزنا يثبت الرد بمرة واحدة لأن تهمة الزنا لا تزول وإن تاب ولذلك لا يحد قاذفه والإباق كذلك قال القاضي حسين وغيره يكفي المرة الواحدة منه في يد البائع وإن لم يأبق في يد المشتري قال الرافعي والسرقة قريب من هذين وأما البول في الفراش فالأظهر اعتبار الاعتياد فيه.
    السادس العادة في صوم يوم الشك كما إذا كان له عادة بصوم يوم الاثنين أو الخميس فصادف يوم الشك أحدهما بماذا تثبت العادة قال الشيخ تاج الدين السبكي لم أر فيه نقلا وقال الإمام في الخادم لم يتعرضوا لضابط العادة فيحتمل ثبوتها بمرة أو بقدر يعد في العرف متكررا.
    السابع العادة في الإهداء للقاضي قبل الولاية قال ابن السبكي لم أر فيه نقلا بماذا تثبت به قال وكلام الأصحاب يلوح بثبوتها بمرة واحدة ولذلك عبر الرافعي بقوله تعهد منه الهدية والعهد صادق بمرة.
    الثامن العادة في تجديد الطهر لمن يتيقن طهرا وحدثا وكان قبلهما متطهرا فإنه يأخذ بالضد إن اعتاد التجديد وبالمثل إن لم يعتده لم يبينوا بم تثبت به العادة لكن ذكر السبكي في شرح المنهاج أن من ثبتت له عادة محققة كمن اعتاده فيأخذ بالضد وظاهر هذا الاكتفاء فيه بالمرة ونحوها.
    التاسع إنما يستدل بحيض الخنثى وإمنائه على الأنوثة والذكورة بشرط التكرار ليتأكد الظن ويندفع توهم كونه اتفاقيا قال الأسنوي وجزم في التهذيب بأنه لا يكفي مرتان بل لا بد أن يصير عادة قال ونظير التحاقه بما قيل في كلب الصيد.

    ● [ المبحث الثاني ] ●
    إنما تعتبر العادة إذا اطردت فإن اضطربت فلا
    وإن تعارضت الظنون في اعتبارها فخلاف

    قال الإمام في باب الأصول والثمار كل ما يتضح فيه اطراد العادة فهو المحكم ومضمره كالمذكور صريحا وكل ما تعارض الظنون بعض التعارض في حكم العادة فيه فهو مثار الخلاف انتهى وفي ذلك فروع منها باع شيئا بدراهم وأطلق نزل على النقد الغالب فلو اضطربت العادة في البلد وجب البيان وإلا يبطل البيع ومنها غلبت المعاملة بجنس من العروض أو نوع منه انصرف الثمن عليه عند الإطلاق في الأصح كالنقد ومنها استأجر للخياطة والنسخ والكحل فالخيط والحبر والكحل على من خلاف صحح الرافعي في الشرح الرجوع فيه إلى العادة فإن اضطربت وجب البيان وإلا فتبطل الإجارة ومنها البطالة في المدارس سئل عنها ابن الصلاح فأجاب بأن ما وقع منها في رمضان ونصف شعبان لا يمنع من الاستحقاق حيث لا نص فيه من الواقف على اشتراط الاشتغال في المدة المذكورة وما يقع منها قبلهما يمنع لأنه ليس فيها عرف مستمر ولا وجود لها قطعا في أكثر المدارس والأماكن فإن سبق بها عرف في بعض البلاد واشتهر غير مضطرب فيجري فيها في ذلك البلد الخلاف في أن العرف الخاص هل ينزل في التأثير منزلة العرف العام والظاهر تنزيله في أهله بتلك المنزلة انتهى ومنها المدارس الموقوفة على درس الحديث ولا يعلم مراد الواقف فيها هل يدرس فيها علم الحديث الذي هو معرفة المصطلح كمختصر ابن الصلاح ونحوه أو يقرأ متن الحديثين كالبخاري ومسلم ونحوهما ويتكلم على ما في الحديث من فقه وغريب ولغة ومشكل واختلاف كما هو عرف الناس الآن وهو شرط المدرسة الشيخونية كما رأيته في شرط واقفها وقد سأل شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي عن ذلك فأجاب بأن الظاهر اتباع شروط الواقفين فإنهم يختلفون في الشروط وكذلك اصطلاح أهل كل بلد والشام يلقون دروس الحديث كالشيخ المدرس في بعض الأوقات بخلاف المصريين فإن العادة جرت بينهم في هذه الأعصار بالجمع بين الأمرين بحسب ما يقرأ فيه من الحديث.
    فصل في تعارض العرف مع الشرع
    هو نوعان أحدهما أن لا يتعلق بالشرع حكم فيقدم عليه عرف الاستعمال فلو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بالسمك وإن سماه الله لحما أو لا يجلس على بساط أو تحت سقف أو في ضوء سراج لم يحنث بالجلوس على الأرض وإن سماها الله بساطا ولا تحت السماء وإن سماها الله سقفا ولا في الشمس وإن سماها الله سراجا أو لا يضع رأسه على وتد لم يحنث بوضعها على جبل أو لا يأكل ميتة أو دما لم يحنث بالسمك والجراد والكبد والطحال فقدم العرف في جميع ذلك لأنها استعملت في الشرع تسمية بلا تعلق حكم وتكليف والثاني أن يتعلق به حكم فيقدم على عرف الاستعمال فلو حلف لا يصلي لم يحنث إلا بذات الركوع والسجود أو لا يصوم لم يحنث بمطلق الإمساك أو لا ينكح حنث بالعقد لا بالوطء أو قال إن رأيت الهلال فأنت طالق فرآه غيرها وعلمت به طلقت حملا له على الشرع فإنها فيه بمعنى العلم لقوله إذا رأيتموه فصوموا ولو كان اللفظ يقتضي العموم والشرع يقتضي الخصوص اعتبر خصوص الشرع في الأصح فلو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بالميتة أو لا يطأ لم يحنث بالوطء في الدبر على ما رجحه في كتاب الأيمان أو أوصى لأقاربه لم تدخل ورثته عملا بتخصيص الشرع إذ لا وصية لوارث أو حلف لا يشرب ماء لم يحنث بالمتغير كثيرا بزعفران ونحوه.
    فصل في تعارض العرف مع اللغة
    حكى صاحب الكافي وجهين في المقدم أحدهما وإليه ذهب القاضي حسين الحقيقة اللفظية عملا بالوضع اللغوي والثاني وعليه البغوي الدلالة العرفية لأن العرف يحكم في التصرفات سيما في الأيمان قال فلو دخل دار صديقه فقدم إليه طعاما فامتنع فقال إن لم تأكل فامرأتي طالق فخرج ولم يأكل ثم قدم اليوم الثاني فقدم إليه ذلك الطعام فأكل فعلى الأول لا يحنث وعلى الثاني يحنث انتهى وقال الرافعي في الطلاق إن تطابق العرف والوضع فذاك وإن اختلفا فكلام الأصحاب يميل إلى الوضع والإمام والغزالي يريان اعتبار العرف وقال في الأيمان ما معناه إن عمت اللغة قدمت على العرف وقال غيره إن كان العرف ليس له في اللغة وجه ألبتة فالمعتبر اللغة وإن كان له فيه استعمال ففيه خلاف وإن هجرت اللغة حتى صارت نسيا منيسا قدم العرف ومن الفروع المخرجة على ذلك حلف لا يسكن بيتا فإن كان بدويا حنث بالمبنى وغيره لأنه قد تظاهر فيه العرف الكل واللغة لأن يسمونه بيتا وإن كان من أهل القرى فوجهان بناء على الأصل المذكور إن اعتبرنا العرف لم يحنث والأصح الحنث ومنها حلف لا يشرب ماء حنث بالمالح وإن لم يعتد شربه اعتبارا بالإطلاق والاستعمال اللغوي ومنها حلف لا يأكل الخبز حنث بخبز الأرز وإن كان من قوم لا يتعارفون ذلك لإطلاق الاسم عليه لغة ومنها قال أعطوه بعيرا لا يعطى ناقة على المنصوص وقال ابن شريح نعم لاندراجه فيها لغة ومنها قال أعطوه دابة أعطي فرسا أو بغلا أو حمارا على المنصوص لا الإبل والبقر إذ لا يطلق عليها عرفا وإن كان يطلق عليها لغة وقال ابن شريح إن كان ذلك في غير مصر لم يدفع إليه إلا الفرس ومنها حلف لا يأكل البيض أو الرءوس لم يحنث ببيض السمك والجراد ولا برءوس العصافير والحيتان لعدم إطلاقها عليها عرفا ومنها قال زوجتي طالق لم تطلق سائر زوجاته عملا بالعرف وإن كان وضع اللغة يقتضي ذلك لأن اسم الجنس إذا أضيف عم وكذلك قوله الطلاق يلزمني لا يحمل على الثلاث وإن كانت الألف واللام للعموم ومنها أوصي للقراء فهل يدخل من لا يحفظ ويقرأ في المصحف أو لا وجهان ينظر في أحدهما إلى الوضع وفي الثاني إلى العرف وهو الأظهر ومنها أوصى للفقهاء فهل يدخل الخلافيون المناظرون قال في الكافي يحتمل وجهين لتعارض العرف والحقيقة.
    تنبيه قال الشيخ أبوزيد لا أدري ماذا بنى الشافعي مسائل الأيمان إن اتبع اللغة فمن حلف لا يأكل الرءوس فينبغي أن يحنث برءوس الطير والسمك وإن اتبع العرف فأهل القرى لا يعدون الخيام بيوتا قال الرافعي يتبع مقتضى اللغة تارة وذلك عند ظهورها وشمولها وهو الأصل وتارة يتبع العرف إذا استمر واطرد وقال ابن عبدالسلام قاعدة الأيمان البناء على العرف إذا لم يضطرب فإن اضطرب فالرجوع إلى اللغة تنبيه إنما يتجاذب الوضع والعرف في العربي أما الأعجمي فيعتبر عرفه قطعا إذ لا وضع يحمل عليه فلو حلف على البيت بالفارسية لم يحنث ببيت الشعر ولو أوصى لأقاربه لم يدخل قرابة الأم في وصية العرب ويدخل في وصية العجم ولو قال إن رأيت الهلال فأنت طالق فرآه غيرها قال القفال إن علق بالعجمية حمل على المعاينة سواء فيه البصير والأعمى قال والعرف الشرعي في حمل الرؤية على العلم لم يثبت إلا في اللغة العربية ومنع الإمام الفرق بين اللغتين ولو حلف لا يدخل دار زيد فدخل ما سكنه بإجارة لم يحنث وقال القاضي حسين إن حلف على ذلك بالفارسية حمل على المسكن قال الرافعي ولا يكاد يظهر فرق بين اللغتين.
    فصل في تعارض العرف العام والخاص
    والضابط أنه إن كان المخصوص محصورا لم يؤثر كما لو كانت عادة امرأة في الحيض أقل مما استقر من عادات النساء ردت إلى الغالب في الأصح وقيل تعتبر عادتها وإن كان غير محصور اعتبر كما لو جرت عادة قوم بحفظ زرعهم ليلا ومواشيهم نهارا فهل ينزل ذلك منزلة العرف العام في العكس وجهان الأصح نعم.

    ● [ المبحث الثالث ] ●
    العادة المطردة

    في ناحية هل تنزل عادتهم منزلة الشرط فيه صور منها لو جرت عادة قوم بقطع الحصرم قبل النضج فهل تنزل عادتهم منزلة الشرط حتى يصح بيعه من غير شرط القطع وجهان اصحهما لا وقال القفال نعم ومنها لو عم في الناس إعتياد إباحة منافع الرهن للمرتهن فهل ينزل منزلة شرطه حتى يفسد الرهن قال الجمهور لا وقال القفال نعم ومنها لو جرت عادة المقترض برد أزيد مما إقترض فهل ينزل منزلة الشرط فيحرم إقراضه وجهان أصحهما لا ومنها لو اعتاد بيع العينة بأن يشتري مؤجلا بأقل مما باعه نقدا فهل يحرم ذلك وجهان أصحهما لا ومنها لو بارز كافر مسلما وشرط الأمان لم يجز للمسلم إعانة المسلم فلو لم يشرط ولكن اطردت العادة بالمبارزة بالأمان فهل هو كالمشروط وجهان أصحهما نعم فهذه الصور مستثناة ومنها لو دفع ثوبا مثلا إلى خياط ليخيطه ولم يذكر أجرة وجرت عادته بالعمل بالأجرة فهل ينزل منزلة شرط الأجرة خلاف والأصح في المذهب لا واستحسن الرافعي مقابلة.

    ● [ المبحث الرابع ] ●
    العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخر

    قال الرافعي العادة الغالبة إنما تؤثر في المعاملات لكثرة وقوعها ورغبة الناس فيما يروج في النفقة غالبا ولا يؤثر في التعليق والإقرار بل يبقى اللفظ على عمومه فيها أما في التعليق فلقلة وقوعه وأما في الإقرار فلإنه إخبار عن وجوب سابق وربما يقدم الوجوب على العرف الغالب فلو أقر بدراهم وفسرها بغير سكة البلد قبل قال الإمام وكذا الدعوى بالدراهم لا تنزل على العادة كما أن الإقرار بها لا ينزل على العادة بل لا بد من الوصف وكذا قال الشيخ أبو حامد والمارودي والروياني وغيرهم وفرقوا بما سبق أن الدعوى والإقرار إخبار عما تقدم فلا يفيده العرف المتأخر بخلاف العقد فانه أمر باشره في الحال فقيده العرف ولو أقر بألف مطلقة في بلد دراهمه ناقصة لزمه الناقصة في الأصح وقيل يلزمه وافية لعرف الشرع ولا خلاف أنه لو اشترى بألف في هذه البلد لزمه الناقصة لأن البيع معاملة والغالب أن المعاملة تقع بما يروج فيها بخلاف الإقرار.
    ومن الفروع المخرجة على هذا الأصل ما سبق في مسألة البطالة فاذا استمر عرف بها في أشهر مخصوصة حمل عليه ما وقف بعد ذلك لا ما وقف قبل هذه العادة ومنها كسوة الكعبة نقل الرافعي عن ابن عبدان أنه منع من بيعها وشرائها وقال ابن الصلاح الأمر فيها الى رأي الإمام واستحسنه النووي وقال العلائي وغيره الذي يقتضيه القياس أن العادة استمرت بأنها تبدل كل سنة وتؤخذ تلك العتيقة فيتصرف فيها بيعا وغيره ويقرهم الأئمة على ذلك في كل عصر فلا تردد في جوازه وأما بعد ما اتفق في هذا القرن من وقف الإمام ضيعة معينة على أن يصرف ريعها في كسوة الكعبة فلا يتردد في جواز ذلك لأن الوقف بعد استقرار هذه العادة والعلم بها فينزل لفظ الواقف عليها ومنها الأوقاف القديمة المشروط نظرها للحاكم وكان الحاكم إذ ذاك شافعيا ثم إن الملك الظاهر أحدث القضاة الأربعة سنة أربع وستين وستمائة فما كان موقوفا قبل ذلك اختص نظره بالشافعي فلا يشاركه غيره وما أطلق من النظر بعد ذلك فمحمول عليه أيضا لأن أهل العرف غالبا لا يفهمون من إطلاق الحاكم غير الشافعي قال السبكي في فتاويه ذكر الشيخ برهان الدين بن الفركاح قال وقفت على فتيا صورتها أنه جعل النظر لحاكم دمشق وكان حينئذ في دمشق حاكم واحد على مذهب معين ثم ولى السلطان في دمشق أربع قضاة ومات القاضي الذي كان موجودا حين الوقف وبعد ذلك ولى القضاة الأربعة وأحدهم على مذهب الذي كان حين الوقف أولا وقد كتب عليها جماعة منهم الشيخ زين الدين الفارقي والصفي الهندي وآخرون أنه يختص بذلك الذي هو على مذهب الموجود حين الوقف قال السبكي ومستند ذلك أنه لما حصلت التولية في زمن الملك الظاهر حصلت لثلاثة مع القاضي الذي كان حين الوقف وذلك القاضي لم ينعزل عن نظره ولا جعل الثلاثة مزاحمين له في كل ما يستحق بل أفرد هو بالأوقاف والأيتام والنواب وبيت المال وجعل الثلاثة مشاركين في الباقي كأنهم نواب له في بعض الأشياء وفصل الحكومات على مذهبهم لا في الأنظار ثم لما مات ذلك القاضي تولى واحد مكانه على عادته فينتقل إليه كل ما كان بيد الذي قبله ولا يشاركه فيه واحد من الثلاثة قال وأيضا فان قول الواقف النظر للحاكم إن حمل على العموم اقتضى دخول النواب والعرف بخلافه فإنما يحمل على المعهود والمعهود هو ذلك الشخص والحمل عليه بعيد لأنه لا يدوم فوجب أن يحمل عليه وعلى من كان مكانه فكأنه هو بالنوع لا بالشخص والذي ولي معه ليس مكانه ولا هو من نوعه وإنما أريد بولايته إقامة من يحكم بذلك المذهب المتجدد فيما لا يمكن الحاكم المستمر الحكم به لكونه خلاف مذهبه فلا مدخل للأنظار في ذلك، قال فإن قلت لو قال لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي فالأصح أنه لا يتعين ذلك القاضي بل قاضي تلك البلد من كان حالة اليمين أو بعدها قلت نعم وكذا أقول لا يتعين قاضي حالة الوقف بل هو أو من تولى مكانه والثلاثة لم يولوا مكانه قال فإن قلت لو كان حال اليمين في البلد قاضيان بر بالرفع إلى من شاء منهما فقياسه إذا شرط النظر للقاضي وهناك قاضيان أن يشتركا فيه قلت المقصود في اليمين الرفع إلى من يغير المنكر وكلاهما يغير المنكر فكل منهما يحصل به الغرض والمقصود باشتراط النظر فعل مصلحة الوقف والاشتراك يؤدي إلى المفسدة باختلاف الآراء فوجب الصرف إلى واحد وهو الكبير قال وقد وقع في بعض الأوقاف وقف بلد على الحرم وشرط النظر فيه للقاضي وأطلق ففيه احتمالات. أحدها أنه قاضي الحرم. والثاني أنه قاضي البلد الموقوفة قال وهذان الاحتمالان يشبهان الوجهين في أنه إذا كان اليتيم في بلد وماله في بلد آخر والأصح عند الرافعي أن النظر لقاضي بلد اليتيم وعند الغزالي أنه لقاضي بلد المال فعلى ما قال الرافعي يكون لقاضي الحرم والثاني أن يكون لقاضي بلد السلطان كما في اليمين فعلى هذا هل يكون قاضي بلد السلطان الأصلية التي هي مصر أو قاضي البلد التي كان السلطان بها حين الوقف قال والذي يترجح أن يكون النظر لقاضي البلد الموقوفة لأنه أعرف بمصالحها فالظاهر أن الواقف قصده وبه تحصل المصلحة لا سيما إذا كان السلطان حين الوقف فيها قلت الظاهر احتمال رابع وهو أن يكون لقاضي البلد التي جرى الوقف بها والظاهر أنه مراد السبكي ببلد السلطان بقرينة تشبيهه بمسألة اليتيم والله أعلم المبحث الخامس قال الفقهاء كل ما ورد به الشرع مطلقا ولا ضابط له فيه ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف ومثلوه بالحرز في السرقة والتفرق في البيع والقبض ووقت الحيض وقدره والإحياء والاستيلاء في الغصب والاكتفاء في نية الصلاة بالمقارنة العرفية بحيث يعد مستحضرا للصلاة على ما اختاره النووي وغيره وقالوا في الأيمان إنها تبنى أولا على اللغة ثم على العرف وخرجوا عن ذلك في مواضع لم يعتبروا فيها العرف مع أنها لا ضابط لها في الشرع ولا في اللغة منها المعاطاة على أصل المذهب لا يصح البيع بها ولو اعتيدت لا جرم أن النووي قال المختار الراجح دليلا الصحة لأنه لم يصح في الشرع اعتبار لفظ فوجب الرجوع إلى العرف كغيره من الألفاظ ومنها مسألة استصناع الصناع الجارية عادتهم بالعمل بالأجرة لا يستحقون شيئا إذا لم يشرطوه في الأصح ومن أمثلة ذلك أن يدفع ثوبا إلى خياط ليخيطه أو قصار ليقصره أو جلس بين يدي حلاق فحلق رأسه أو دلاك فدلكه أو دخل سفينة بإذن وسار إلى الساحل وأما دخول الحمام فإنه يوجب الأجرة وإن لم يجر لها ذكر قطعا لأن الداخل مستوف منفعة الحمام بسكوته وهناك صاحب المنفعة صرفها ومنها لم يرجعوا في ضبط موالاة الوضوء وخفة الشعر وكثافته للعرف في الأصح ولا في ضابط التحذير فرع سئل الغزالي عن اليهودي إذا أجر نفسه مدة معلومة ما حكم السبوت التي تتخللها إذا لم يستثنها فإن استثناها فهل تصح الإجارة لأنه يؤدي إلى تأخير التسليم عن العقد فأجاب إذا اطرد عرفهم بذلك كان إطلاق العقد كالتصريح بالاستثناء كاستثناء الليل في عمل لا يتولى إلا بالنهار وحكمه أنه لو أنشأ الإجارة في أول الليل مصرحا بالإضافة إلى أول الغد لم يصح وإن أطلق صح وإن كان الحال يقتضي تأخير العمل كما لو أجر أرضا للزراعة في وقت لا يتصور المبادرة إلى زرعها أو أجر دارا مشحونة بالأمتعة لا تفرغ إلا في يوم أو يومين انتهى وقد نقله عنه الرافعي والنووي ولم ينقلاه عن غيره قال السبكي ولا ينبغي أن يؤخذ مسلما بل ينظر فيه قال وقد سئل عنه قاضي القضاة أبو بكر الشامي فقال يجبر على العمل فيها لأن الاعتبار بشرعنا في ذلك فذكر له كلام الغزالي فقال ليس بصحيح ثم قال يحتمل أن يقال ذلك ويستثنى بالعرف قال السبكي وكلام الغزالي متين وقويم وفيه فوائد وهو أولى من قول أبي بكر الشامي لأن العرف وإن لم يكن عاما لكنه موجود فيه فينزل منزلة العرف في أوقات الراحة ونحوها، قال وقوله إذا اطرد عرفهم بذلك فينبغي أن يحمل على عرف المستأجر والمؤجر جميعا سواء كان المستأجر مسلما أم لا فلو كان عرف اليهود مطردا بذلك ولكن المستأجر المسلم لم يعرف ذلك لم يكن إطلاق العقد في حقه منزلا منزلة الاستثناء والقول قول المسلم في ذلك إذا لم يكن من أهل تلك البلدة ولم يعلم من حاله ما يقتضي معرفته بذلك العرف وحينئذ هل يقول العقد باطل أو يصح ويثبت له الخيار أو يلزم اليهودي بالعمل فيه نظر والأقرب الثالث لأن اليهودي مفرط بالإطلاق مع من ليس من أهل العرف قال وإذا اقتضى الحال استثناءها وأسلم الذمي في مدة الإجارة وأتى عليه بعد إسلامه يوم سبت وجب العمل فيه لأنا نقول عند الاستثناء أنه خارج عن عقد الإجارة فإنه لو كان كذلك لجرى في الإجارة خلاف كإجارة العقب ولجاز له أن يؤجر نفسه يوم السبت لآخر وتجويز ذلك بعيد فإنه يلزم منه عقد الإجارة على العين لشخصين على الكمال في مدة واحدة وكلام الفقهاء يأباه وصرحوا بأنه إذا ورد عقد على عين لا يجوز أن يعقد عليها مثله وهكذا نقول في استثناء أوقات الصلوات ونحوها ليس معناه أن تلك الأوقات متخللة بين أزمان الإجارة كإجارة العقب بل يقول في كل ذلك إن منفعة ذلك الشخص في جميع تلك المدة مستحقة للمستأجر مملوكة بمقتضى العقد ومع هذا يجب عليه توفيره من العمل في تلك الأوقات كما أن السيد يستحق منفعة عبده في جميع الأوقات ومع ذلك يجب توفيره في أوقات الصلوات والراحة بالليل ونحوها فهذا هو معنى الاستثناء وهو استثناء من الاستيفاء لا من الاستحقاق وإن شئت قلت من استيفاء المملوك لا من الملك وإن شئت قلت العقد مقتض لاستحقاقها ولكن منع مانع فاستثناها وحينئذ فالسبوت داخلة في الإجارة وملك المستأجر منفعته فيها وإنما امتنع عليه الاستيفاء لأمر عرفي مشروط ببقاء اليهودية فإذا أسلم لم يبق مانع والاستحقاق ثابت لعموم العقد فيستوفيه ويجب عليه بعدما أسلم أن يؤدي الصلوات في أوقاتها ويزول استحقاق المستأجر لاستيفائها بالإسلام وإن كانت مملوكة له بالعقد كما لم يستحق استيفائها في استئجار المسلم وإن كانت مملوكة له بالعقد وإنما وجب استحقاق صرفها قبل الإسلام إلى العمل لعدم المانع من استيفائها مع استحقاقها ونظيره لو استأجر امرأة لعمل مدة فحاضت في بعضها فأوقات الصلاة في زمن الحيض غير مستثناة وفي غيره مستثناة ولا ينظر في ذلك إلى حال العقد بل حال الاستيفاء وهكذا اكتراء الإبل إلى الحج وسيرها محمول على العادة والمنازل المعتادة فلو اتفق في مدة الإجارة تغيير العادة وسار الناس على خلاف ما كانوا يسيرون فيما لا يضر بالأجير والمستأجر وجب الرجوع إلى ما صار عادة الناس ولا نقول بانفساخ العقد واعتبار العادة الأولى هذا مقتضى الفقه وإن لم أجده منقولا قال ولو استعمل المستأجر اليهودي يوم السبت ظالما أو ألزم المسلم العمل في أوقات الصلاة ونحوها لم يلزمه أجرة المثل وقد قال البغوي في فتاويه إنه لو استأجر عبدا فاستعمله في أوقات الراحة لم يجب عليه أجرة زائدة لأن جملة الزمان مستحقة وترك الراحة ليتوفر عليه عمله فإن دخله نقص وجب عليه أرش نقصه كما لو استعمله في أوقات الصلاة لا يجب عليه زيادة أجرة وعليه تركه لقضاء الصلاة هذه عبارته انتهى ونظير مسألة إسلام الذمي ما لو أجر دارا ثم باعها لغير المستأجر ثم تقايل البائع والمستأجر الإجارة والذي ذكره المتولي أن المنافع تعود إلى البائع سواء قلنا إن الإقالة بيع أو على فسخ الصحيح لأنها ترفع العقد من حينها قطعا فلم يوجد عند الرد ما يوجب الحق للمشتري وحكي فيما لو فسخت الإجارة بعيب أو طروء ما يقتضي ذلك وجهين مبنيين على أن الرد بالعيب يرفع العقد من أصله أو حينه إن قلنا بالأول فللمشتري وكأن الإجارة لم تكن أو بالثاني فللبائع لما تقدم.

    ● [ تم الكتاب الأول ويتبعه الكتاب الثانى ] ●

    ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر Fasel10

    الأشباه والنظائر
    تأليف : السيوطي
    منتديات الرسالة الخاتمة . البوابة

    ختام الكتاب الأول من الأشباه والنظائر E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 4:02