من طرف فريق العمل السبت 4 ديسمبر 2021 - 15:11
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقة الإسلامي
المحرر في الفقه
على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المجلد الثاني
● [ بقية كتاب الجهاد ] ●
● باب الأمان
يصح الأمان من كل مسلم مكلف مختار وإن كان امرأة أو عبدا أو أسيرا فإذا قال لكافر أنت آمن أو لا بأس عليك أو أجرتك أوقف أو ألق سلاحك أو مترس بالفارسية أو أمنت يدك أو بعضك أو أشار بما يفهم منه الأمان فقد أمنه وفي صحة الأمان من المميز روايتان.
ويصبح من الإمام لجميع المشركين وآحادهم ومن الأمير لمن جعل بإزائه ومن آحاد الرعية للواحد والعشرة والقافلة ويصح من غير الإمام الأمان للأسير نص عليه في رواية أبي طالب.
وقال القاضي في المجرد لا يصح إلا منه وكل من صح منه أمان قبل إخباره به ومن جاء بمشرك فادعى أنه أمنه وأنكره فالقول قول المنكر وعنه قول المشرك وعنه قول من ظاهر الحال يصدقه.
ومن أسلم من أهل حضر أو أعطيناه أمانا لفتحه ففتح ثم تداعوه واشتبه علينا فهم حرام قتلهم واسترقاقهم على منصوصه.
وقال أبو بكر يخرج أحدهم بالقرعة ويرق من بقي وإذا أودع المستأمن مسلما مالا وأقرضه شيئا ثم عاد لإقامته بدار الحرب أو نقض الذمي عهده ولحق بدار الحرب أو لم يلحق انتقض أمان ماله كنفسه وصار فيئا وقيل لا ينتقض فيهما وظاهر كلامه أنه ينتقض في مال الذمي دون الحربي وهو الأصح وحيثما قلنا لا ينتقض فإنه يعطاه إن طلبه وإن مات فهو لورثته فإن لم يكن له وارث فهو فيء ولو لم يمت حتى أسر واسترق فقيل يوقف ماله ثم إن عتق رد عليه وإن مات رقيقا ففي كونه فيئا أو لورثته لو كان حرا وجهان وعندي يصير فيئا لمجرد استرقاقه.
ويجوز الأمان للرسول والمستأمن مدة الهدنة بلا جزية نص عليه.
وقال أبو الخطاب لا يقيم سنة فأكثر إلا بجزية.
وإذا دخل حربي دار الإسلام بغير عقد أمان فادعى أنه رسول أو تاجر ومعه متاع يبيعه والعادة دخول تجارهم إلينا قبل منه وأومن وإن بان جاسوسا خير الإمام فيه كالأسير وإن كان مما ضل الطريق أو أتتنا به ريح في مركب أو شرد إلينا بعض دوابهم فهو لمن أخذه غير مخموس وعنه هو فيء بدخوله في أرض الإسلام وعنه أنه لأهل القرية التي حصل فيها.
وإذا أسر الكفار مسلما ثم أطلقوه بشرط أن يقيم عندهم مدة أو مطلقا لزمه الوفاء نص عليه وإن أطلقوه بلا شرط وأمنوه جاز له الهرب ولم يجز أن يخونهم وإن أطلقوه فقط أو شرطوا أن يكون رقيقا لهم فله أن يهرب ويسرق ويقتل منهم وإن شرطوا عليه مالا ينفذه فإن عجز رجع إليهم لزمه الوفاء إلا أن يكون امرأة فلا ترجع وفي رجوع الرجل روايتان.
● باب الهدنة
لا تصح مهادنة العدو إلا من الإمام أو نائبه فتصح بشرط ضعف الإسلام أو على مال يؤخذ منهم فأما مجانا لمصلحة رجاء إسلامهم ونحوها مع قوته واستظهاره فروايتان ومع القول بالمنع يجوز إلى أربعة أشهر وفيما فوقها ودون الحول وجهان ولا تجوز بمال منا إلا لضرورة شديدة ولا تجوز إلا إلى مدة معلومة وإن طالت وعنه لا تجوز فوق عشر سنين فإن جاوزها بطلت الزيادة وفي العشر وجهان وإن شرط نقضها متى شاء أو إدخالهم الحرم أو رد من أسلم منهم من صبي أو امرأة لم يجز وفي شرط رد مهر المرأة روايتان وكل شرط لم يجزه ففي فساد العقد به وجهان وكذلك عقد الذمة بالشرط الفاسد ولو شرط رد من جاءه من الرجال مسلما جاز مع الحاجة دون حالة الاستظهار بمعنى أنه يخلي بينهم وبينه من غير منع ولا إجبار ويجوز أن يأمره سرا بقتالهم والفرار منهم ويلزم الإمام حماية أهل الهدنة من أهل الإسلام والذمة دون غيرهم.
وإذا سباهم كفار آخرون أو سبى بعضهم بعضا لم يجز لنا شراؤهم وإن باع أحدهم منا صغاره أو أهله فروايتان.
وإذا خاف نقض العهد منهم جاز أن ينبذ إليهم عهدهم وينتقض العهد في نسائهم وذريتهم بنقضه فيهم.
وإذا كان في الهدنة رهائن فقتلوا رهائنا فهل يحل لنا قتل رهائنهم على روايتين.
● باب عقد الذمة في أخذ الجزية
يشترط لعقدها بذل الجزية والتزام أحكام الملة وأن يعقده الإمام أو نائبه ولا تعقد إلا لليهود والنصارى والمجوس ومن سواهم فالإسلام أو القتل وعنه تعقد لكل كافر إلا الوثني من العرب والمذهب الأول.
ومن تدين بكتاب التوراة أو الإنجيل كالسامرة والفرنج والصابئة الموافقة للنصارى فهو من أهله.
ومن دخل في أحد الأديان الثلاثة قبل مبعث نبينا صلى الله عليه وسلم فهو من أهله ومن دخل فيه بعد مبعثه أو في وقتنا هذا نظرنا فإن انتقل إليه عن كفر لا يقر عليه فعنه ثلاث روايات رواية يقر عليه ويكون كالأصلي فيه ورواية لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف وثالثة يقر على التهود والتنصر دون التمجس فإن أصر عليه قتل.
ولو انتقل كتابي أو مجوسي إلى غير دينه فعنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف وعنه يقبل منه كل دين يقر أهله عليه دون غيره واختارها الخلال وعنه يقر إلا على دين دون دينه الأول كتمجس الكتابي فلا يقر ويقتل إن أبى وعنه لا يقر إلى على دين أفضل من دينه الأول كمجوسي تهود أو تنصر وعنه لا يقر إلى على الإسلام أو دينه الأول فعلى هاتين الروايتين إن أصر على المتجدد قتل إن كان دون الأول وإلا هدد ولم يقتل إذا لم يرجع ومن أقررناه على تهود أو تنصر متجدد أنحنا ذبيحته ومناكحته وإذا لم نقره عليه بعد المبعث وشككنا هل كان منه قبله أو بعده قبلت جزيته وحرمت مناكحته وذبيحته.
ومن ولد بين أبوين لا تقبل الجزية من أحدهما فاختار دين الآخر ألحق به في الجزية وقيل لا يقبل منه سوى الإسلام.
وتؤخذ الجزية من أهلها لكل حول في آخره من غنيهم في العرف أربعة دنانير أو ثمانية وأربعون درهما ومن المتوسط نصف ذلك ومن المقل ربعه.
ويجوز أن يشرط عليهم للمسلمين المارين بهم الضيافة ويبين أيامها وعدد أهلها وقدرها طعاما واجبا وعلفا ولا تجب من غير شرط وقيل تجب ليوم وليلة.
ومتى بذلوا القدر المذكور مع الضيافة لزم قبوله وحرم قتالهم إلا على رواية سبقت بجواز الزيادة على ذلك.
ولا جزية على صبي ولا امرأة ولا زمن ولا أعمى ولا راهب ولا شيخ فان ولا عبد لمسلم ولا فقير يعجز عنها وفي الفقير المعتمل وعبد الذمي روايتان ومن بلغ أو أفاق أو أيسر أو عتق فهو من أهلها بالعقد الأول وتؤخذ منه في آخر الحول بقدر ما أدرك وعنه لا جزية على عتيق المسلم بحال وقال ذمته ذمة مولاه.
ومن كان يجن ويفيق دائما لفق من إفاقته حول ثم أخذت له وقيل تؤخذ في آخر كل حول بقدر إفاقته كما يؤخذ من المعتق بعضه بقدر حريته وقيل يعتبر الأغلب فيمن لا ينضبط أمره خاصة.
ومن أسلم بعد الحول سقطت عنه وإن مات بعده أو عمي أو جن أو أقعد لم تسقط عنه وقال القاضي تسقط.
ومن لزمته جزية سنين لم تتداخل ويمتهنون لمباشرة دفعها وتجر أيديهم عنده ويطال قيامهم وإذا تولى إمام فعرف قدر جزيتهم وما شرط عليهم أقرهم عليه فإن لم يعرفه فوجهان.
أحدهما يأخذ بقولهم فيما يسوغ وله أن يحلفهم إن اتهمهم ثم إن بان نقص فيما قالوه رجع عليهم به.
والثاني يستأنف عقدهم باجتهاده ولا تؤخذ الجزية المذكورة من نصارى بني تغلب بل تؤخذ من أموالهم من الماشية وغيرها مثلا زكاة المسلمين حتى من نسائهم وزمناهم وصبيانهم ومجانينهم وهل يصرفه مصرف الجزية أو الزكاة على روايتين وهل يباح أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم على روايتين.
وإذا أراد أمام تغيير ما عليهم إلى الجزية ابتداء منه أو بسؤالهم لم يجز ذلك وكل عرب من أهل الجزية أبوها إلا باسم الصدقة مضعفة ولهم شوكة يخشى الضرر منها جازت مصالحتهم على مثل ما صولح عليه بني تغلب نص عليه.
وإذا أسلم التغلبي أو باع أرضه من مسلم لم يجب فيها للمستقتل سوى عشر الزكاة ثم إن أسلم وفيها زرع مشتد أو تمر قد بدا صلاحه فلا شيء عليه فيه بحال وإن باعه معها أو بدونها من مسلم فالعشران بحالهما عليه ولا شيء على المسلم.
وللذمي شراء الأرض العشرية ولا عشر عليه فيها إذا لم يكن تغليبا وعنه ينهى عن شرائها من المسلم فإن خالف صح وضرب على زرعه وثمره عشران فإن أسلم أو باع فهو كالتغلبي في ذلك.
● باب أحكام الذمة
يلزم الإمام أن يأخذ أهل الذمة بحكم الإسلام في ضمان النفوس والأموال وحفظ الأعراض وإقامة الحدود فيما يعتقدون تحريمه وعنه لا يلزمه إقامة حد زنا بعضهم ببعض إلا أن يشاء واختاره ابن حامد وألحق به قطع سرقة بعضهم من بعض لكونه حقا لله تعالى وعليه أن يلزمهم بالتمييز عن المسلمين في لباسهم وشعورهم وكناهم وركوبهم بأن يلبسوا ثوبا يخالف سائر ثيابهم كالعسلي والإدكن ويشدوا الخرق في قلانسهم وعمائمهم والزنار فوق ثيابهم ويكفي أحدهما ويجعلوا لنسائهم غيارا في الخفين باختلاف لونيهما وأن يجعلوا في رقابهم لدخول الحمام جلجلا أو خاتم حديد أو رصاص وأن يحذفوا مقادم رؤوسهم وأن لا يفرقوا شعورهم كما يفعله الأشراف وأن لا يتكنوا بكنى المسلمين كأبي القاسم وأبي عبد الله ونحوه وأن لا يركبوا الخيل بحال ولا البغال والحمير بالسروج بل عرضا بالأكف وفي منعهم من لبس الطيالسة وجهان.
ولا يجوز تصديرهم في المجالس ولا بداءتهم بالسلام وإن سلم أحدهم قيل له عليكم وفي جواز تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان ويدعى لهم إذا أجزناها بالبقاء وكثرة المال والولد ويقصد به كثرة الجزية ويمنعون من إحداث البيع والكنائس إلا أن يشرطوه فيما فتح صلحا على أنه لنا فلهم شرطهم نص عليه.
ولهم رم سعتها دون بنائها إذا انهدمت وعنه جوازهما وعنه المنع منهما ونصرها القاضي في خلافه.
ولو فتح الإمام بلدا فيه بيعة خراب لم يجز بناؤها وقيل يجوز إذا أجزنا بناء المنهدمة ويمنعون من تعليه البنيان على جيرانهم من المسلمين وفي مساواتهم وجهان.
ولو ملكوا بشراء أو غيره دارا عالية من مسلم لم تغير وإن انهدمت لم تعد عالية إلا إذا قلنا تعاد البيعة ولو هدم البناء العالي أو بناء البيعة عدوانا فهو كتهدمه بنفسه ذكره القاضي وعندي أنه يعاد ويمنعون من إظهار المنكر وضرب الناقوس وإظهار أعيادهم ورفع أصواتهم بكتابهم أو على موتاهم وإن صولحوا في بلدهم على أداء جزية أو خراج لم يمنعوا شيئا مما ذكرنا ويمنعون من الإقامة بالحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة وخيبر والينبع وفدك يخالفوها1 فإن دخلوا منه غير الحرم لتجارة لم يقيموا بموضع واحد فوق ثلاثة أيام وقيل فوق أربع فإن مرض أحدهم به لم يخرج حتى يبرأ فإن مات دفن به وأما الحرم فيمنعون دخوله مطلقا فإن قدم منهم رسول لا بد له من لقاء الإمام وهو به خرج إليه ولم يأذن له فإن دخل عزر وهدد فإن مرض أو مات به أخرج فإن دفن نبش إلا أن يبلى وحد الحرم من طريق المدينة ثلاثة أميال ومن طريق العراق سبعة أميال وكذلك من طريق عرفة ومن طريق الجعرانة تسعة أميال ومن طريق جدة عشرة أميال وليس لهم دخول مساجد الحل وعنه لهم ذلك بإذن المسلم.
وإذا اتجر الذمي إلى غير بلده ببيع فيه أو شراء منه أخذ من تجارته نصف.
__________
1 في نسخة بهامش الأصل: صوابه ومخالفيها، لكن بخط المصنف كما في الأصل.
O متابعة المتن
العشر مرة في السنة وإن كان امرأة وقال القاضي لا يلزم المرأة ذلك إلا أن تتجر بالحجاز ولا يلزم التغلبي شيء كذلك وعنه يلزم فيتكمل عليه العشر.
وإذا اتجر المستأمن ببلد الإسلام أخذ منه العشر في السنة وقال أبن حامد بعشر كلما دخل إلينا ولا شيء عليهما فيما دون عشرة دنانير.
ونقل عنه صالح اعتبار العشرين للذمي والعشرة للحربي وقال القاضي أبو الحسين يعتبر للذمي عشرة وللحربي خمسة وقال ابن حامد يجب ذلك فيما قل وكثر ولا يعشر ثمن الخمر والخنزير المتبايع بينهم ونقل الميموني يعشران ويتخرج تعشير ثمن الخمر دون الخنزير.
وإذا حاكم ذمي ذميا أو مسلم إلى حاكمنا لزمه أن يعديه ويحكم بينهما بحكم الإسلام وعنه في الذميين يخير بين الحكم وتركه وهو الأشهر عنه كما في المستأمنين وعنه لا يخير إلا إذا اتحدت ملتهما وعنه ما يدل على تخييره إلا أن يتظالما بحقوق الأدميين فيلزمه وهو الأصح عندي ومتى خيرناه جاز أن يعدي ويحكم بطلب أحدهما وعنه لا يجوز إلا باتفاقهما كما في المستأمنين.
وإذا تبايعوا بينهم محرما يعتقدون حله أو بيوعا فاسدة ثم أتونا أو أسلموا لم ينقض فعلهم إن كانوا تقابضوا من الطرفين وإلا نقصناه وعنه لا ينقض في الخمر خاصة إذا قبضت دون ثمنها ويلزم المشتري دفعه إلى البائع أو إلى وارثه إن كان ميتا.
واذا كان لذمي على ذمي خمر بقرض أو غصب فأيهما أسلم فلا شيء لربها نص عليه وقيل إذا لم يسلم هو فله قيمتها ولو كانت له عليه من مسلم لم يكن لربها إلا رأس ماله ويلزم الإمام حفظ أهل الذمة والمنع من أذاهم واستنقاد أسراهم ولا يجوز استرقاق من ولد لهم في الأسر.
وإذا لحق الذمي بدار الحرب مستوطنا أو امتنع من إعطاء الجزية أو التزام أحكام الملة أو قاتل المسلمين انتقض عهده وإن قذف مسلما أو أذاه بسحر في تصرفاته لم ينتقض عهده نص عليه في رواية جماعة وقيل ينتقض وإن فتنه عن دينه أو قتله أو قطع عليه الطريق أو زنى بمسلمة أو تجسس للكفار أو آوى لهم جاسوسا أو ذكر الله تعالى أو كتابة أو رسوله بسوء انتقض عهده نص عليه وقيل فيه روايتان بناء على نصه في القذف والأصح التفرقة.
وإذا أظهر منكرا أو رفع صوته بكتابه أو ركب الخيل ونحوه عزر ولم ينتقض عهده وقيل ينتقض إن شرط عليه تركه وإلا فلا ومن نقض عهده لسبب الرسول نقص فعله وإن نقصه لمجرد لحوقه بدار الحرب خير الإمام فيه كالأسير وإن نقضه مما سواهما فالمنصوص تعين قتله واختار القاضي فيه التخيير ويبقى عهده ناقض الذمة في نسائه وذريته الموجودين دون من حدث بعد نقضه وقد أسلفنا حكم ماله.
● باب قسمة الفيء
وهو كل مال أخذ من الكفار بغير قتال كالجزية والخراج والعشور وما تركوه فزعا أو ماتوا عنه ولا وارث لهم فيصرف في مصالح الإسلام وعنه خمسه لأهل الخمس وبقيته للمصالح ويبدأ بالأهم فالأهم من سد الثغور وكفاية أهلها وغيرهم من جند المسلمين ثم بالأهم فالأهم من سد البثوق وكرى الأنهار وعمل القناطر وأرزاق القضاة والمفتيين والمؤذنين ونحوهم من كل ذي نفع عام وإن فضل منه فضل قسم بين المسلمين غنيهم وفقيرهم إلا عبيدهم وعنه تقديم ذوي الحاجات منهم ويبدأ عند العطاء بالمهاجرين ثم بالأنصار ثم بسائر المسلمين ويقدم الأقرب فالأقرب من النبي صلى الله عليه وسلم وفي جواز التفضيل بينهم بالسابقة روايتان.
ومن مات وقد حل عطاؤه دفع إلى ورثته ومن مات من أجناد المسلمين فرض لزوجته وصغار ولده كفايتهم فإذا بلغ بنوه فأحبوا أن يكونوا من المقاتلة فرض لهم حقهم وإلا سقط ويسقط فرض المرأة والبنات بالتزوج.
● [ كتاب الأطعمة ] ●
● مدخل كتاب الأطعمة
والأصل فيها الحل فيباح كل طاهر لا مضرة فيه من حب وتمر وغيرهما ولا يحل نجس كالميتة والدم ولا ما فيه مضرة كالسم ونحوه وحيوانات البر مباحة إلا الحمر الأنيسة وماله ناب يفرس به سوى الضبع كالأسد والنمر والذئب والفيل والهدهد والكلب والخنزير وابن آوى وابن عرس والنمس والقرد والدب وماله مخلب من الطير يصيد به كالعقاب والبازي والصقر والشاهين والباسق والحدأة والبومة وما يأكل الجثث كالنسر والرخم واللعلق والعقعق والغراب الأبقع والغراب الأسود الكبير وما يستخبثه العرب كالقنفد والفأرة والحية والعقرب والخشاف وهو الوطواط [والخفاش ذكره في باب تطهير موارد الأنجاس ويسمى أيضا الخشاف وهو الوطواط بلا ألف] والحشرات كلها وما تولد من مأكول وغيره كالبغل والسبع وهو ولد الضبع من الذئب والعسبار وهو ولد الذئبة من الضبعان وفي كل واحد من الصرد والهدهد والخطاف والدباب والثعلب وسنور البر والوبر واليربوع روايتان وفي الغداف والسنجاب وجهان وحرم أبو الخطاب الزرافة وأباحها أحمد وما عدا ذلك فهو حلال كالخيل وبهيمة الأنعام والدجاج والوحش من الحمر والبقر والظباء والنعامة والأرنب وسائر الوحش والضبع والضب وغراب الزرع والزاغ والطاوس وسائر الطيور.
ويباح حيوان البحر كله إلا الضفدع وفي التمساح روايتان وحرم معه ابن حامد الكوسج وحرم النجاد كل بحري يحرم نظيره في البر كإنسان الماء وكلبه وخنزيره وتحرم الجلالة وبيضها ولبنها وهي التي أكثر علفها النجاسة حتى يحبس عنه وعنه تكره لا تحرم ويكفي حبسها ثلاثة أيام وعنه تحبس الطير ثلاثا والشاة سبعا والإبل والبقر أربعين يوما.
ويجوز أن يعلف الإبل والبقر التي لا يراد ذبحها بالقرب الأطعمة النجسة أحيانا وما سقى بالماء النجس من زرع وثمر فهو بجس محرم إلا أن يسقى بعده بطاهر فيحل ويطهر نص عليه.
وقال ابن عقيل هو طاهر مباح ومن اضطر إلى محرم كالميتة ونحوها حل له منه ما يسد رمقة فقط ولزمه تناوله وعنه يحل له الشبع فإن وجد مع الميتة طعاما لا يعرف مالكه أو صيدا وهو محرم أكل الميتة لا غير نص عليه وإن وجدهما المحرم بلا ميتة أكل طعام الغير ويحتمل أن يخير بينهما وإذا وجد ميتتين مختلف في أحدهما أكلها دون المجمع عليها ومن لم يجد إلا طعاما للغير فربه أحق به إن كان مضطرا وإلا لزمه أن يبذل له ما يسد رمقه أو قدر الشبع في رواية بقيمته فإن أبى فله أخذه قهرا ومقاتلته عليه فإن قتل رب الطعام فدمه هدر وإن قتل المضطر ضمنه رب الطعام وإن منعه منه إلا بما فوق القيمة فاشتراه منه بذلك كراهة أن يجري بينهما دم أو عجز عن قتاله لم تلزمه إلا القيمة.
ومن لم يجد إلا آدميا يباح دمه كحربي وزان محصن حل قتله وأكله وإن كان ميتا معصوما فوجهان.
ومن أضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه لدفع برد أو استقاء ماء ونحوه وجب بذله له مجانا وقيل يجب له العوض كالأعيان.
ومن مر بتمر بستان في شجرة أو متساقط عنه ولا حائط عليه ولا ناظر فله الأكل منه من غير حمل وعنه لا يحل إلا من المتساقط وعنه لا يحل ذلك إلا للحاجة فيحل مجانا1 وفي الزرع وشرب لبن الماشية على الأولى روايتان.
__________
1 في نسخة بهامش الأصل: قال أحمد: إذا لم يكن عليها حائط يأكل إذا كان خائفاً فإذا لم يكن فلا يأكل وقال: قد فعله غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
O متابعة المتن
ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به في القرى دون الأمصار يوما وليلة نص عليه ويجب فيهما للحاضر والمسافر فإن أبى فللمضيف طلبه بحقه عند الحاكم ولا يلزمه إنزاله في بيته إلا أن لا يجد مسجدا أو رباطا ونحوه يبيت فيه وتمام الضيافة ثلاث وما فوقها صدقة.
● باب الذكاة
لا يباح شيء من الحيوان بغير ذكاة إلا الجراد والسمك وكل مالا يعيش إلا في الماء فإنه لا ذكاة له وعنه تباح ميتة كل بحرى من سمك وغيره وعنه لا تباح ميتة يجري سوى السمك وعنه في الجراد لا يؤكل ما مات منه بلا سبب ويخرج في السمك الطافئ مثله.
ويشترط للذكاة أن يكون المذكي عاقلا مسلما أو كتابيا وإن كان مراهقا أو امرأة أو أقلف أو أعمى فلا تباح ذكاة سكران ولا مجنون وفيما صاده مجوسي ونحوه من سمك وجراد روايتان.
وتباح الذكاة بكل محدد من حديد وحجر وقصب وغيره إلا الظفر والسن وفي العظم غير السن روايتان وفي الآلة المغصوبة وجهان.
والمعتبر في تزكية المقدور عليه قطع الحلقوم والمريء لا غير وعنه يشترط معه قطع الودجين والسنة نحر الإبل وذبح غيرها فإن نحر ما يذبح أو بالعكس جاز وإذا أبان الرأس بالذبح لم يحرم به المذبوح وحكى أبو بكر رواية بتحريمه.
وإذا ذبح الحيوان من قفاه سهوا فأتت السكين على موضع ذبحه وهو حي ويعلم ذلك بوجود الحركة حل وإن فعله عمدا فعلى روايتين ذكرهما القاضي.
وذكاة ما عجز عنه من الصيد والنعم المتوحشة والواقعة في بئر ونحوه بجرحه في أي موضع كان من بدنه إلا أن يعينه غيره بأن يكون رأسه في ماء ونحوه فلا يباح.
وما أصابه سبب الموت من منخضة وموقودة ومتردية ونطيحة وأكيلة سبع إذا أدرك ذكاته وفيه حياة يمكن أن تزيد على حركة المذبوح حل بشرط أن يتحرك عند الذبح ولو بيد أو رجل أو طرف عين أو مضع ذئب ونحوه فإن فقد ذلك لم يحل وعنه أن ما يمكن أن يبقى معظم اليوم يحل وما يعلم موته لأقل منه في حكم الميت وعنه ما يتيقن أنه يموت من السبب فهو كالميت مطلقا نقلها الأثرم.
وتحصل ذكاة الجنين بتذكية أمه إذ خرج ميتا أو متحركا كحركة المذبوح أشعر أو لم يشعر وإذا خرج بحياة معتبرة فهو كالمنخنقة وعنه إذا مات بالقرب فهو حلال ولو كان الجنين محرما كما لا يؤكل أبوه لم يقدح في زكاة الأم.
ويكره أن يذبح بآلة كالة وأن يحد الآلة والحيوان يبصره وأن يوجه1 لغير القبلة وأن يكسر عنقه أو يسلخه قبل أن يبرد فإن فعل أساء وحل ويكره أكل الغدة وأذن القلب نص عليه وجزم أبو بكر بتحريمها.
وإذا ذبح الكتابي ما حرم عليه كذي الظفر من الإبل ونحوها حرم علينا وقيل لا يحرم كما لا يحرم ما يتيقنه محرما عندي كحال الرئة ونحوها.
وإذا ذبح ما يحل له فهل تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم وهي شحم الثرب والكليتين على وجهين وقيل روايتين فإن قلنا لا تحرم جاز أن نتملكها منهم ولا يحل لمسلم أن يطعمهم شحما من ذبحنا نص عليه وفي بقاء تحريم السبت عليهم وجهان.
وإذا ذبح الكتابي لعيده أو ليتقرب به إلى شيء مما يعظمونه لم يحرم إلا أن يذكر عليه اسم غير الله ففيه روايتان منصوصتان أصحهما عندي تحريمه.
__________
1 في نسخة بهامش الأصل "وأن يوجهه"
O متابعة المتن
ومن ذبح حيوانا فوجد جرادا في بطنه أو حبا في حوصلته أو روثه لم يحرم وعنه يحرم.
● باب الصيد
لا يحل الصيد المقتول في الاصطياد إلا بأربعة شروط صائد من أهل الذكاة وآلة مخصوصة وإرسالها قاصدا للصيد والتسمية عند الإرسال على الأصح.
وإذا اشترك مسلم ومجوسي في قتل صيد بسهميهما أو جارحتيهما لم يحل فإن أصاب مقتله أحدهما فقط غلب حكمه وعنه تغلب الحرمة.
وإذا أرسل مسلم سهمه فأعانته ريح لولاها ما وصل أو أرسل كلبه فزجره مجوسي فزاد عدوه أو رد عليه كلب المجوسي الصيد فقتله أو أمسك مجوسي ما يذبحه المسلم حتى ذبحه حل فيهن.
ولو أرسل مجوسي كلبا فأعانه المسلم أو كلبه لم يحل بذلك ومن رمى سهما ثم ارتد أو مات ثم أصاب سهمه صيدا حل.
والآلة المشروطة نوعان محدد وحيوان فالمحدد هو ما يشترط في آلة الذبح ويشترط أن يجرح فإن قتله بثقله لم يبح وإذا صاد بالمقراض حل ما قتل بحده دون ما قتل بعرضه.
وإذا نصب مناجل أو سكاكين وسمى عند نصبها فقتلت صيدا أبيح.
وإذا قتله بسهم فيه سم لم يبح إذا غلب على الظن أنه أعان على قتله.
وإذا رماه في الهواء فوقع بالأرض فمات حل.
وإن وقع في ماء أو تردى من جبل أو وطئ عليه شيء فمات لم يبح إلا أن يكون الجرح موحيا فعلى روايتين وكذلك الذبيحة وإن رماه فغاب عنه ثم وجده ميتا وفيه أثر سهمه حل بشرط أن لا يكون به أثر آخر يحتمل أنه أعان في قتله وعنه إن كان جرحه موحيا حل وإلا فلا وعنه إن وجده في يومه حل وإلا فلا وكذلك حكم الكلب إذا عقره ثم غاب ثم وجده وحده فأما إن وجده في فمه أو وهو يعبث به فإنه يحل ولو غاب قبل تحقق الإصابة ثم وجده عقيرا وحده والسهم أو الكلب ناحية لم يبح.
وإذا ضرب صيدا فأبان منه عضوا وبقيت فيه حياة معتبرة لم يحل ما بان منه إلا أن يكون مما تباح ميته كالحوت فيحل وإن بقي العضو معلقا بجلدة حل بحله وإن أبانه ومات في الحال حل الجميع وعنه لا يحل مابان منه.
وما ليس بمحدد كالبندق والحجر والشبكة والفخ فلا يحل ما قتله لأنه وقيد.
وأما الحيوان فالجوارح المعلمة فيباح ما قتلته جرحا وفيما قتلته خنقا أو صدما روايتان إلا الكلب الأسود البهيم فإنه لا يباح صيده.
وتعليم ذي الناب من هذه الجوارح كالكلب والفهد بأن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر وإذا أمسك لم يأكل ولا يعتبر تكرر ذلك منه وقيل يعتبر مرتين فيباح صيده في الثالثة وقيل ثلاثا فيباح في الرابعة.
وتعليم ذي المخلب كالصقر والبازي والشاهين والباشق بأن يسترسل إذا أرسله ويرجع إذا دعاه ولا يعتبر الأكل وعدمه.
وإذا أكل ذو الناب المعلم من صيده لم تحرم صيوده المتقدمة على الأصح وفيما أكل منه روايتان فإن حرمناه وهو الأصح فعاد فصاد ولم يأكل منه أبيح على ظاهر كلامه ويحتمل أن يكون كالمبتدأ تعليمه وهل يجب غسل ما أصابه فم الكلب على وجهين.
وإذا استرسل الكلب أو غيره بنفسه لم يبح صيده إلا أن يزجره فيزيد في طلبه فإنه يباح.
ومن أرسل سهمه أو كلبه إلى هدف أو لإرادة الصيد وهو لا يرى صيدا1
__________
1 بهامش الأصل: قال في الموجز: يشترط أن يكون بصيرا.
O متابعة المتن
فأصاب صيدا لم يحل وإن رمى هدفا يظنه صيدا فأصاب صيدا فوجهان وإن رمى صيدا فأصاب غيره أو واحدا فأصاب جماعة حل الكل.
ومن صاد صيدا بسهم أو جارحه فأدركه وفيه كحركة المذبوح أو أزيد لكن لا يتسع الزمان لذكاته حل كما لو أدركه ميتا وإن اتسع الزمان لذكاته لم يبح إلا بالذبح فان مات بدونه لم يبح بحال وعنه إن مات بجرحه قبل أن يمضي عليه معظم يوم أو باستيلاء الصائد عليه لفقد آلة الذبح حتى قتله حل وإلا فلا وعنه يحل بالموت عن قرب الزمان دون الاستيلاء وعن بالعكس واختارها الخرقي.
وإن رمى صيدا فأثبته ملكه وإذا رماه آخر فمات حل فيما إذا أصاب الأول مقتله أو الثاني مذبحه ولم يضمن الثاني إلا ما خرق من جلده وفيما عدا ذلك لا يحل ويضمن الثاني قيمته مجروحا بالجرح الأول إذا لم يدرك الأول ذكاته فإن أدركها فلم يزكه حتى مات فقيل يضمنه كذلك وقال القاضي يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرحين مع أرش ما نقصه بجرحه وعندي إنما يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول لا غير ومن رمى صيدا ولم يثبته فدخل خيمة إنسان فهو له قاله أبو الخطاب وكذا قال الخرقي.
ومن كان في سفينة فوثبت سمكة فوقعت في حجره فهي له دون صاحب السفينة وقيل هو قبل أن يأخذه على الإباحة فيهما كما لو حصل في أرضه صيد أو عشش فيها طائر ولو فتح حجره أو نصب خيمته للأخذ ملكهما كمن صنع بركة للسمك ملكه بحصوله فيها ومن وقع في شبكته صيد فخرقها وذهب بها فصاده آخر فهو للثاني.
ومن أطلق صيدا من يده أو قال أعتقته لم يزل عن ملكه وقيل يزول فيملكه من أخذه.
وتشترط التسمية لحل الذبيحة والصيد وعنه هي سنة وعنه تشترط مع الذكر دون السهو وعنه تشترط للصيد دون الذبيحة وعنه تشترط إلا في الذبيحة سهوا اختارها الخرقي وعنه تشرط إلا سهوا في الذبح وصيد السهم خاصة والكتابي كالمسلم فيها وعنه يختص المسلم باشتراطهما والسنة أن يقول معها الله أكبر ومن هلل أو سبح أو كبر بدلا منها لم يجزئه ويحتمل أن يجزئه ويكفي للأخرس أن يومىء بها إلى السماء وإذا سمى بغير العربية من يحسنها فعلى وجهين ويكره أن يصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند التذكية وقال ابن شاقلا لا بأس به
● [ كتاب الأيمان ] ●
● مدخل كتاب الأيمان
اليمين التي تجب بها الكفارة بشرط الخيار هي اليمين بالله تعالى أو صفة من صفاته كقدرته وعلمه وعظمته وكبريائه وعزته وجلاله أو اسم من أسمائه التي لا يسمى بها غيره نحو الله والرحمن القديم الأزلي والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والعالم بكل شيء وخالق الخلق ورازق العالمين ونحوه فإن حلف باسم من أسمائه التي قد سمى بها غيره ولكن إطلاقه ينصرف إليه سبحانه كالرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرازق ونحوه فهو يمين إن نوى به الله أو أطلق وإن نوى غيره فليس بيمين ومالا ينصرف إطلاقه إليه بل يحتمله كالشيء والحي والموجود إن نوى به الله تعالى كان يمينا وإلا فلا وقال القاضي ليس بيمين بحال ولا فرق في اسم الله بين قوله والله وتاالله وبالله وبين إسقاط حرف القسم فيقول الله لأفعلن بالجر أو بالنصب فإن قاله مرفوعا مع الواو وعدمه أو منصوبا مع الواو فهو يمين أيضا إلا أن يكون من أهل العربية ولا يريد اليمين وإذا قال وحق الله وعهد الله وأمانة الله وميثاقه فهو يمين وإن قال والعهد والميثاق والأمانه والعظمة والجلال لم يكن يمينا إلا أن ينوي صفة الله وعنه هو يمين بإطلاقه وإن قال وايم الله أو لعمرو الله فهو يمين وعنه ليس بيمين إلا بالنية وإن قال أقسم الله أو أحلف بالله أو أعزم بالله أو أشهد بالله كان يمينا نواه أو أطلق وإن لم يذكر اسم الله لم يكن يمينا إلا بالنية وعنه هو يمين بمطلقة.
وإن حلف بكلام الله أو بالقرآن أو بالمصحف فهو يمين فيها كفارة واحدة وعنه بكل آية كفارة.
والحلف بغير الله محرم وقيل يكره تنزيها ولا تجب به كفارة وسواء أضافه إلى الله تعالى كقوله وخلق الله ومقدوره ومعلومه وكعبته ورسوله أو لم يضفه مثل الكعبة والنبي وعنه الجواز ولزوم الكفارة في الحلف برسول الله خاصة1.
ومن قال هو يهودي أو كافر أو برىء من الله أو من الإسلام أو من الدين أولا يره الله في مكان كذا إن فعل كذا ففعله لزمته كفارة يمين وعنه لا كفارة عليه وكذلك حكم قوله أنا أستحل الزنا والخمر.
ولو قال محوت المصحف إن فعلت كذا فليس بيمين وكذلك قوله عصبت الله في كل ما أمرني به وعندي هو يمين لدخول التوحيد فيه وإن قال على نذر أو يمين إن فعلت كذا لزمته كفارة يمين إن فعله وإن قال أيمان البيعة تلزمني إن فعلت كذا فهذه يمين رتبها الحجاج تتضمن اليمين بالله والطلاق والعتاق وصدقة المال فإن عرفها الحالف ونواها انعقدت بما فيها وإلا فلا وقيل تنعقد إذا نواها ولم يعرفها وقيل لا تنعقد إلا بما عدا اليمين بالله بشرط النية ولو قال أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت كذا لزمه يمين الظهار والعتاق.
__________
1 روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" وروى أصحاب السنن "من حلف بغير الله فقد كفر- أو أشرك"
O متابعة المتن
والطلاق والنذر واليمين بالله نوى ذلك أو لم ينوه ذكره القاضي وقيل لا يتناول اليمين بالله تعالى.
ومن حلف بيمين من هذه الخمس فقال له آخر يميني في يمينك أو أنا على مثل يمينك يريد التزام مثل يمينه لزمه ذلك إلا في اليمين بالله فعلى وجهين.
واليمين المنعقدة ما قصد عقدها على مستقبل ممكن وفي المستحيل خلاف سبق فإن حلف بالله على أمر ماض كاذبا كالما بكذبه فهي الغموس ولا كفارة فيها وعنه تلزمه الكفارة مع الإثم كما يلزمه الطلاق والعتاق والظهار والحرام والنذر وإن عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافة فهو كمن حلف على مستقبل وفعله ناسيا.
ومن جرى على لسانه بغير قصد اليمين لا والله وبلى والله فهو لغو لا كفارة فيه إن كان في الماضي وإن كان في المستقبل فروايتان.
ومن قال في يمين مكفرة إن شاء الله متصلا بها لم يحنث سواء فعل أو ترك.
ويستحب الحنث في اليمين إذا كان خيرا ولا يستحب إكثار الحلف ومن دعى إلى الحلف عند الحاكم وهو محق فالأولى أن يفتدى يمينه وإن حلف فلا بأس وإن كان ظالما لم ينفعه تأويله.
ومن حرم صلاة سوى الزوجة من أمة أو طعام أو لباس أو غيره لم يحرم عليه وتلزمه كفارة يمين إن فعله وقيل يحرم حتى يكفر وإن قال عبد فلان حر لأفعلن كذا فليس بشيء وعنه عليه كفارة لفعله كنذر المعصية.
وكفارة اليمين فيها تخيير وترتيب فيخير من لزمته بين ثلاثة أشياء إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم للرجل ثوب تجزئه الصلاة فيه وللمرأة درع وخمار كذلك أو عتق رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة وعنه بجوز أن يفرقها ويجوز تقديم الكفارة بالمال والصيام قبل الحنث فمن لزمته أيمان قبل التكفير موجبها واحد فعليه كفارة واحدة وعنه لكل يمين كفارة وعنه إن كانت على أفعال كقوله والله لا لبست والله لا أكلت تعددت الكفارة وإن كانت على فعل واحد كقوله والله لا أكلت والله لا أكلت كفته كفارة واحد.
وإن اختلف موجبها كظاهر ويمين بالله لزماه ولم يتداخلا.
وليس للسيد منع العبد من التكفير بالصوم وإذا أذن له في التكفير بالعتق مطلقا وأجزناه فهل له أن يعتق نفسه على وجهين ومن بعضه حر فهو كالحر في التكفير.
● باب النذر
وهو أن يلزم نفسه لله تعالى شيئا بالقول ولا يلزم بمجرد النية ولا يصح إلا من مكلف مسلما كان أو كافرا.
وكل قربة مستحبة لا تجب من صلاة وصوم وحج وعمرة واعتكاف وعيادة مريض وغير ذلك إذا نذرها نذرا مطلقا أو علقها بشرط بقصد التقرب فوجد الشرط كقوله إن شفى الله مريضي أو سلم مالي الغائب فلله علي كذا لزمه الوفاء بما سمي إلا فيمن نذر الصدقة بماله فإنه يجزئه ثلثه فإن نذرها ببعضه لزمه المسمى وعنه إن زاد البعض المسمى على ثلث الكل أجزأه قدر الثلث وهو الأصح وفيما عدا ذلك لم يلزم المسمى رواية واحدة.
ومن قال لله علي نذر ولم ينو شيئا لزمه كفارة يمين ومن علق نذره بشرط بقصد المنع منه أو الحمل عليه كقوله إن كلمت زيدا فعلي الحج وإن لم أضرب عمرا فمالي صدقة ونحوه ويسمى نذر اللجاج والغضب إن انعقد ولم يتعين الوفاء به إذا وجد الشرط بل يتخير بينه وبين كفارة يمين.
ومن نذر فعل واجب أو حرام أو مكروه أو مباح كقوله لله على أن أصوم فرض رمضان أو أشرب الخمر أو أطلق زوجتي أو أدخل داري ونحوه انعقد نذره موجب لكفارة يمين إن لم يفعل ما قال مع بقاء الوجوب والتحريم والكراهة والإباحة بحالهن كما لو حلف على ذلك وعنه ما يدل على أنه لاغ لا كفارة فيه.
ومن نذر ذبح ولده لزمه كفارة يمين وعن ذبح كبش ومن نذر صوم يوم العيد لزمه صوم يوم كما في اليوم المطلق وعنه لا يلزمه صوم وعلى الروايتين هل يلزمه كفارة على روايتين ومن نذر صوم أيام التشريق فهو كنذر صوم العيد إذا لم نجز صومها عن الفرض وإن أجزناه فهو كنذر سائر الأيام ويتخرج أن يكون كنذر العيد أيضا.
ومن نذر صوم شهر بعينه فصام قبله لم يجزه وإن جن جميعه لم يلزمه قضاؤه على الأصح وإن أفطره لعذر أو غيره لزمه قضاؤه متتابعا وعنه لا يجب التتابع في قضائه إذا لم يشرطه ولم ينوه بنذره وإن أفطر من أوله قضى ما أفطره متتابعا متصلا بتمامه وعنه يجوز تأخيره وتفريقه وإن أفطر في أثنائه فقط لغير عذر بطل ما مضى وكان كمن ابتدأ الصوم في أثنائه على الأولى وعلى الثانية ما أفطر منه لا غير كيف شاء وإن أفطر في أثنائه لعذر لا يقطع تتابع صوم الكفارة بنى رواية واحدة وفي فصل القضاء وتتابعه الروايتان وعليه في ذلك كله كفارة يمين وعنه لا كفارة على المعذور.
ومن قال لله علي صوم شهر لزمه متتابعا وعنه لا يلزمه التتابع إلا بشرط أو نية كما لو نذر صوم عشرة أيام أو ثلاثين يوما ونحوه ومتى قطع تتابعه بغير عذر لزمه الاستئناف وإن قطعه لعذر استأنفه متتابعا بلا كفارة أو بنى على ما مضى وعليه كفارة يمين.
ومن نذر صوم سنة بعينها لم يتناول شهر رمضان ولا الأيام المنهي عن صوم الفرض فيها وعنه يتناولها فيقضيها وفي الكفارة وجهان وعنه يتناول أيام النهي دون أيام رمضان.
ولو قال لله علي أن أصوم سنة ففي وجوب التتابع حسب الإمكان الروايتان في الشهر ويلزمه الصوم اثنى عشر شهرا سوى رمضان وأيام النهي وإن شرط التتابع وقال صاحب المغني متى شرط التتابع فهو كنذر السنة المعينة في إجزاء أحد عشر شهرا سوى أيام النهي ولو قال على سنة من وقتي هذا أو من شهر كذا فهي كالمعينة الطرفين عند أصحابنا وعندي هي كالمطلقة في لزوم اثنى عشر شهرا للنذر.
ومن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا لم يلزمه شيء وإن قدم نهارا وقد بيت النية له بخبر سمعه صح صومه وأجزأه وإن نوى حين قدم وهو ممسك فكذلك وعنه لا يجزئه بل يقضي وفي الكفارة لكونه معذورا روايتان وإن قدم وهو مفطر أو في يوم عيد أو في رمضان لزمه القضاء وفي الكفارة روايتان وعنه لا شيء عليه.
ومن نذر صوما فتركه لكبر أو مرض لا يرجى زواله فقيل تلزمه كفارة يمين فقط وقيل بل إطعام مسكين لكل يوم والمنصوص عنه وجوبهما وإن نذره مع هذا العجز فكذلك وقيل لا ينعقد نذره ومن نذر صوما لزمه يوم بنية من الليل وإن نذر صلاة لم يجزه دون ركعتين وعنه يجزئه ركعة.
ومن نذر صلاة أو اعتكافا بمسجد مكة لم يجزئه بغيره وإن نذره بمسجد المدينة لم يجزئه إلا به أو بمسجد مكة وإن نذره بالمسجد الأقصى لم يجزئه إلا بأحد الثلاثة وإن عينه بمسجد سواها أجزأ فيه وفيها وكذلك فيما سواها لكن في الكفارة وجهان.
ومن نذر المشي إلى بيت الله أو بقعة من الحرم لزمه الشيء في حجة أو عمرة فإن ترك المشي وركب لعذر أو غيره لزمه كفارة يمين وعنه دم وكذلك إن نذر الركوب فمشى ففيه الروايتان.
ومن نذر أن يطوف على أربع طاف طوافين نص عليه.
كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
منتدى ميراث الرسول - البوابة