فريق العمل- Admin
- المساهمات : 2671
تاريخ التسجيل : 22/12/2013
من طرف فريق العمل السبت 20 نوفمبر 2021 - 4:11
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة السيرة والتاريخ
تاريخ الخلفاء للسيوطيي
عمر بن الخطاب رضي الله عنه [ 1 ]
● [ نسبه و مولده ] ●
عمر بن الخطاب : بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي أمير المؤمنين أبو حفص القريشي العدوي الفاروق أسلم في السنة السادسة من النبوة و له سبع و عشرون سنة قاله الذهبي
و قال النووي : ولد عمر بعد الفيل بثلاث عشرة سنة و كان من أشراف قريش و إليه كانت السفارة في الجاهلية فكانت قريش إذا وقعت الحرب بينهم أو بينهم و بين غيرهم بعثوه سفيرا : أي رسولا و إذا نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر بعثوه منافرا أو مفاخرا
و أسلم قديما بعد أربعين رجلا و إحدى عشرة امرأة و قليل : بعد تسعة و ثلاثين رجلا و ثلاث و عشرين امرأة و قيل : بعد خمسة و أربعين رجلا و إحدى عشرة امرأة فما هو إلا أن أسلم فظهر الإسلام بمكة و فرح به المسلمون
قال : و هو أحد السابقين الأولين و أحد العشرة المشهود لهم بالجنة و أحد الخلفاء الراشدين و أحد أصهار رسول الله صلى الله عليه و سلم و أحد كبار علماء الصحابة و زهادهم
روي له عن رسول الله صلى الله عليه و سلم خمسمائة حديث و تسعة و ثلاثون حديثا
روى عنه عثمان بن عفان و علي و طلحة و سعد و عبد الرحمن بن عوف و ابن مسعود و أبو ذر و عمر بن عبسة و ابنه عبد الله و ابن العباس و ابن الزبير و أنس و أبو هريرة و عمرو بن العاص و أبو موسى الأشعري و البراء بن عازب و أبو سعيد الخدري و خلائق آخرون من الصحابة و غيرهم رضي الله عنهم
أقول : و أنا ألخص هنا فصولا فيها جملة من الفوائد تتعلق بترجمته
● [ الأخبار الواردة في إسلامه ] ●
أخرج الترمذي [ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك : بعمر بن الخطاب و أو بأبي جهل بن هشام ] و أخرجه الطبراني من حديث ابن مسعود و أنس رضي الله عنهم
و أخرج الحاكم [ عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة ] و أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أبي بكر الصديق و في الكبير من حديث ثوبان
و أخرج أحمد عن عمر قال : خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أتعجب من تأليف القرآن فقلت : و الله هذا شاعر كما قالت قريش فقرأ : { إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون } الآيات فوقع في قلبي الإسلام كل موقع
و أخرج ابن أبي شيبة [ عن جابر قال : كان أول إسلام عمر أن عمر قال : ضرب أختي المخاض ليلا فخرجت من البيت فدخلت في أستار الكعبة فجاء النبي صلى الله عليه و سلم فدخل الحجر و عليه بتان و صلى لله ما شاء الله ثم انصرف فسمعت شيئا لم أسمع مثله فخرج فاتبعته فقال : من هذا ؟ فقلت : عمر فقال : يا عمر ما تدعني لا ليلا و لا نهارا ؟ فخشيت أن يدعو علي فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله فقال : يا عمر أسره قلت : لا و الذي بعثك بالحق لأعلننه كما أعلنت الشرك ]
و أخرج ابن سعد و أبو يعلى و الحاكم و البيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : خرج عمر متقلدا سيفه فلقيه رجل من بني زهرة فقال : أين تعمد يا عمر ؟ فقال : أريد أن أقتل محمدا قال : و كيف تأمن من بني هاشم و بني زهرة و قد قتلت محمدا ؟ فقال : ما أراك إلا قد صبأت قال : أفلا أدلك على العجب إن ختنك و أختك قد صبآ و تركا دينك فمشى عمر فأتاهما و عندهما خباب فلما سمع بحس عمر توارى في البيت فدخل فقال : ما هذه الهيمنة ؟ و كانوا يقرؤون طه قالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا قال : فلعلكما قد صبأتما فقال له خنته : يا عمر إن كان الحق في غير دينك فوثب عليه عمر فوطئه وطأ شديدا فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها فنفحها نفحة بيده فدمى وجهها فقالت ـ و هي غضبى ـ : و إن كان الحق في غير دينك إني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ـ و كان عمر يقرأ الكتاب ـ فقالت أخته : إنك نجس و إنه لا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى : { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } فقال عمر : دلوني على محمد فلما سمع خباب قول عمر خرج : فقال : أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه و سلم لك ليلة الخميس [ اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام ] و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في أصل الدار التي في أصل الصفا فانطلق عمر حتى أتى الدار و على بابها حمزة و طلحة و ناس فقال حمزة : هذا عمر إن يريد الله به خيرا يسلم و إن يريد غير ذلك يكن قتله علينا هينا قال : و النبي صلى الله عليه و سلم دخل يوحى إليه فخرج حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه و حمائل السيف : فقال : ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي و النكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة فقال عمر : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك عبد الله و رسوله
و أخرج البزار و الطبراني و أبو نعيم في الحلية و البيهقي في الدلائل عن أسلم قال : قال لنا عمر : كنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبينا أنا في يوم حار بالهاجرة في بعض طريق مكة إذ لقيني رجل فقال : عجبا لك يا ابن الخطاب إنك تزعم أنك و أنك و قد دخل عليك الأمر في بيتك قلت : و ما ذاك ؟ قال أختك قد أسلمت فرجعت مغضبا حتى قرعت الباب قيل : من هذا ؟ قلت : عمر فتبادروا فاختفوا مني و قد كانوا يقرؤون صحيفة بين أيديهم تركوها و نسوها فقامت أختي تفتح الباب فقلت : يا عدوة نفسها أصبأت ؟ و ضربتها بشيء كان في يدي على رأسها فسال الدم و بكت فقالت : يا ابن الخطاب ما كنت فاعلا فافعل فقد صبأت قال : و دخلت حتى جلست على السرير فنظرت إلى الصحيفة فقلت : ما هذا ؟ ناولينيها قالت : ليست من أهلها إنك لا تطهر من الجنابة و هذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون فما زلت بها حتى ناولتنيها ففتحها فإذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم فلما مررت باسم من أسماء الله تعالى ذعرت منه فألقيت الصحيفة ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها فإذا فيها : { سبح لله ما في السماوات وما في الأرض } فذعرت فقرأت إلى { آمنوا بالله ورسوله } فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله فخرجوا إلي مبادرين و كبروا و قالوا : أبشر فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا يوم الاثنين فقال : [ اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك : إما أبو جهل بن هشام و إما عمر ] و دلوني على النبي صلى الله عليه و سلم في بيت بأسفل الصفا فخرجت حتى قرعت الباب فقالوا : من ؟ قلت : ابن الخطاب و قد علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه و سلم فما اجترأ أحد بفتح الباب حتى [ قال صلى الله عليه و سلم : افتحوا له ففتحوا لي فأخذ رجلان بعضدي حتى أتيا بي النبي صلى الله عليه و سلم فقال : خلوا عنه ثم أخذ بمجامع قميصي و جذبني إليه ثم قال : أسلم يا ابن الخطاب اللهم أهده فتشهدت فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة و كانوا مستخفين ] فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب و يضرب إلا رأيته و لا يصيبني من ذلك شيء فجئت إلى خالي أبي جهل بن هشام و كان شريفا فقرعت عليه الباب فقال : من هذا ؟ فقلت : ابن الخطاب و قد صبأت فقال : لا تفعل ثم دخل و أجاف الباب دوني فقلت : ما هذا بشيء فذهبت إلى رجل من عظماء قريش فناديته فخرج إلي فقلت له مثل مقالتي لخالي و قال لي مثل ما قال خالي فدخل و أجاف الباب دوني فقلت ما هذا بشيء إن المسلمين يضربون و أنا لا أضرب فقال لي رجل : أتحب أن يعلم بإسلامك ؟ قلت : نعم قال : فإذا جلس الناس في الحجر فأت فلانا لرجل لم يكن يكتم السر فقال بينك و بينه : إني قد صبأت فإنه قل ما يكتم السر فجئت و قد اجتمع الناس في الحجر فقلت فيما بيني و بينه : إني قد صبأ فبادروا إلي فما زلت أضربهم و يضربونني و اجتمع علي الناس فقال خالي : ما هذه الجماعة ؟ قيل : عمر قد صبأ فقام على الحجر فأشار بكمه ألا إني قد أجرت ابن أختي فتكشفوا عني فكنت لا أشاء أن أدري أحدا من المسلمين يضرب و يضرب إلا رأيته فقلت : ما هذا بشيء قد يصيبني فأتيت خالي فقلت : جوارك رد عليك فما زلت أضرب و أضرب حتى أعز الله الإسلام
و أخرج أبو نعيم في الدلائل و ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سألت عمر رضي الله عنه : لأي شيء سميت الفاروق ؟ فقال : أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام فخرجت إلى المسجد فأسرع أبو جهل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يسبه فأخبر حمزة فأخذ قوسه و جاء إلى المسجد إلى حلقة قريش التي فيها أبو جهل فاتكأ على قوسه مقابل أبي جهل فنظر إليه فعرف أبو جهل الشر في وجهه فقال : مالك يا أبا عمارة ؟ فرفع القوس فضرب به أخدعه فقطعه فسالت الدماء فأصلحت ذلك قريش مخافة الشر قال : و رسول الله صلى الله عليه و سلم مختف في دار الأرقم المخزومي فانطلق حمزة فأسلم فخرجت بعده بثلاثة أيام فإذا فلان المخزومي فقلت له : أرغبت عن دين آبائك و اتبعت دين محمد ؟
فقال : إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني قلت : و من هو ؟ قال : أختك و ختنك فانطلقت فوجدت الباب مغلقا و سمعت همهمة ففتح لي الباب فدخلت فقلت : ما هذا الذي أسمع عندكم ؟ قالوا : ما سمعت شيئا فما زال الكلام بيننا حتى أخذت برأسي ختني فضربته [ ضربة ] فأدميته فقامت إلى أختي فأخذت برأسي و قالت : قد كان ذلك على رغم أنفك فاستحيت حين رأيت الدماء فجلست و قلت : أروني هذا الكتاب فقالت : إنه لا يمسه إلا المطهرون فقمت فاغتسلت فأخرجوا إلي صحيفة فيها { بسم الله الرحمن الرحيم } فقلت : أسماء طيبة طاهرة { طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } إلى قوله : { له الأسماء الحسنى } قال : فتعظمت في صدري و قلت : من هذا فرت قريش فأسلمت و قلت : أين رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت : فإنه في دار الأرقم فأتيت الدار فضربت الباب فاستجمع القوم فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر قال : و إن كان عمر افتحوا له الباب فإن أقبل قبلنا منه و إن أدبر قتلناه [ فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج فتشهد عمر فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل مكة قلت : يا رسول الله ألسنا على حق ؟ قال : بلى قلت : ففيم الإخفاء ؟ فخرجنا صفين أنا في أحدهما و حمزة في الآخر حتى دخلنا المسجد فنظرت قريش إلي و إلى حمزة فأصابتهم كآبة شديدة لم يصبهم مثلها فسماني رسول الله صلى الله عليه و سلم الفاروق يومئذ لأنه أظهر الإسلام و فرق بين الحق و الباطل ]
و أخرج ابن سعد عن ذكوان قال : قلت لعائشة : من سمي عمر الفاروق ؟ قالت : النبي صلى الله عليه و سلم
و أخرج ابن ماجة و الحاكم عن أبن عباس رضي الله عنهما قال : لما أسلم عمر نزل جبريل فقال : يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر
و أخرج البزار و الحاكم و صححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أسلم عمر قال المشركون : قد انتصف القوم اليوم منا و أنزل الله : { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين }
و أخرج البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر و أخرج ابن سعد و الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان إسلام عمر فتحا و كانت هجرته نصرا و كانت إمامته رحمة و لقد رأيتنا و ما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى أسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا
وأخرج ابن سعد و الحاكم عن حذيفة قال : لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجال المقبل لا يزداد إلا قربا فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا
و أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول من جهر بالإسلام عمر بن الخطاب إسناده صحيح حسن
و أخرج ابن سعد عن صهيب قال : لما أسلم عمر رضي الله عنه أظهر الإسلام و دعا إليه علانية و جلسنا حول البيت حلقا و طفنا بالبيت و انتصفنا ممن غلظ علينا و رددنا عليه بعض ما يأتي به
و أخرج ابن سعد عن أسلم مولى عمر قال : أسم عمر في ذي الحجة السنة السادسة من النبوة و هو ابن ست و عشرين سنة
● [ هجرته ] ●
أخرج ابن عساكر عن علي قال : ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه و تنكب قوسه و انتضى في يده أسهما و أتى الكعبة و أشراف قريش بفنائها فطاف سبعا ثم صلى ركعتين عند المقام ثم أتى حلقهم واحدة واحدة فقال : شاهت الوجوه من أراد أن تثكله أمه و ييتم و لده و ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي فما تبعه منهم أحد
و أخرج عن البراء رضي الله عنه قال : أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير ثم ابن مكتوم ثم عمر بن الخطاب في عشرين راكبا فقلنا : ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : هو على أثري ثم قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر رضي الله عنه معه
قال النووي : شهد عمر مع رسول الله صلى الله عليه و سلم المشاهد كلها و كان ممن ثبت معه يوم أحد
الأحاديث الواردة في فضله
أخرج الشيخان [ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر قلت لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر فذكرت غيرتك فوليت مدبرا ] فبكى عمر و قال : أعليك أغار يا رسول الله ؟
و أخرج الشيخان [ عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : بينا أنا نائم شربت ـ يعني اللبن ـ حتى أنظر الري يجري في أظفاري ثم ناولته عمر قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : العلم ]
و أخرج الشيخان [ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي و عليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي و منها ما يبلغ دون ذلك و عرض علي عمر و عليه قميص يجره قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : الدين ]
و أخرج الشيخان [ عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا ابن الخطاب و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك ]
و أخرج البخاري [ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لقد كان فيما قبلكم من الأمم و قبله ] قال ابن عمر : [ و ما نزل بالناس أمر قط فقالوا و قال إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر ]
و أخرج الترمذي و الحاكم و صححه [ عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب ] و أخرجه الطبراني عن أبي سعيد الخدري و عصمة بن مالك و أخرجه ابن عساكر من حديث ابن عمر
و أخرج الترمذي [ عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إني لأنظر إلى شياطين الجن و الإنس قد فروا من عمر ]
و أخرج ابن ماجة و الحاكم [ عن أبي كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أول من يصافحه الحق عمر و أول من يسلم عليه و أول من يأخذ بيده فيدخل الجنة ]
و أخرج ابن ماجة و الحاكم [ عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به ]
و أخرج أحمد و البزار [ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله جعل الحق على لسان عمر و قلبه ] و أخرجه الطبراني من حديث عمر بن الخطاب و بلال و معاوية بن أبي سفيان و عائشة رضي الله عنهم و أخرجه ابن عساكر من حديث ابن عمر
و أخرج ابن منيع في مسنده عن علي رضي الله عنه قال : كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تنطق على لسان عمر
و أخرج البزار [ عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : عمر سراج أهل الجنة ]
و أخرج البزار [ عن قدامة بن مظعون عن عمه عثمان بن مظعون قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هذا غلق الفتنة و أشار بيده إلى عمر لا يزال بينكم و بين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش هذا بين أظهركم ]
و أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : [ جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أقرئ عمر السلام و أخبره أن غضبه عز و رضاه حكم ]
و أخرج ابن عساكر [ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الشيطان يفرق من عمر ]
و أخرج أحمد من طريق بريدة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الشيطان ليفرق منك يا عمر ]
و أخرج ابن عساكر [ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما في السماء ملك إلا و هو يوقر عمر و لا في الأرض شيطان إلا و هو يفرق من عمر ]
و أخرج الطبراني في الأوسط [ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله باهى بأهل عرفة عامة و باهى بعمر خاصة ] و أخرج في الكبير مثله من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
و أخرج الطبراني و الديلمي [ عن الفضل بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الحق بعدي مع عمر حيث كان ]
و أخرج الشيخان [ عن ابن عمر و أبي هريرة رضي الله عنه قالا : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها إلى ما شاء الله ثم أخذها أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين و في نزعه ضعف و الله يغفر له ثم جاء عمر فاستقى فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا من الناس و ضربوا بعطن ]
قال النووي في تهذيبه : قال العلماء : هذا إشارة إلى خلافة أبي بكر و عمر و كثرة الفتوح و ظهور الإسلام في زمن عمر
و أخرج الطبراني [ عن سديسة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الشيطان لم يلق عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه ] و أخرجه الدار قطني في الأفراد من طريق سديسة عن حفصة
و أخرج الطبراني [ عن أبي كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال لي جبريل : ليبك الإسلام على موت عمر ]
و أخرج الطبراني في الأوسط [ عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من أبغض عمر فقد أبغضني و من أحب عمر فقد أحبني و إن الله باهى بالناس عشية عرفة عامة و باهى بعمر خاصة و إنه لم يبعث الله نبيا إلا كان في أمته محدث و إن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر قالوا : يا رسول الله كيف محدث ؟ قال : تتكلم الملائكة على لسانه ] إسناده حسن
● [ أقوال الصحابة و السلف فيه ] ●
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ما على ظهر الأرض رجل أحب إلي من عمر أخرجه ابن عساكر
و قيل لأبي بكر في مرضه : ماذا تقول لربك و قد وليت عمر ؟ قال : أقول له : وليت عليهم خيرهم أخرجه ابن سعد
و قال علي رضي الله عنه : إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر أخرجه الطبراني في الأوسط
و قال ابن عمر رضي الله عنه ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم من حين قبض أحد و لا أجود من عمر أخرجه ابن سعد
و قال ابن مسعود رضي الله عنه : لو أن علم عمر وضع في كفه ميزان و وضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح علم عمر بعلمهم و لقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم أخرجه الطبراني في الكبير و الحاكم
و قال حذيفة رضي الله عنه : كأن علم الناس كان مدسوسا في حجر عمر
و قال حذيفة : و الله ما أعرف رجلا لا تأخذه في الله لومة لائم إلا عمر
و قالت عائشة رضي الله عنها ـ و ذكرت عمر ـ كان و الله أحوذيا نسيج و حده
و قال معاوية رضي الله عنه : أما أبو بكر فلم يرد الدنيا و لم ترده و أما عمر فأرادته الدنيا و لم يردها و أما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن أخرجه الزبير بن بكار في الموفقيات
و قال جابر رضي الله عنه : دخل علي على عمر ـ و هو مسجى ـ فقال : رحمة الله عليك ! ما من أحد أحب إلي أن ألقى الله بما في صحيفته بعد صحبة النبي صلى الله عليه و سلم من هذا المسجى أخرجه الحاكم
و قال ابن مسعود رضي الله عنه : إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله و أفقهنا في دين الله تعالى أخرجه الطبراني و الحاكم
و سئل ابن عباس عن أبي بكر فقال : كان كالخير كله و سئل عن عمر فقال : كان كالطير الحذر الذي يرى أن له بكل طريق شركا يأخذه و سئل عن علي فقال : ملئ عزما و حزما و علما و نجدة أخرجه في الطيوريات
و أخرج الطبراني عن عمير بن ربيعة أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار : كيف تجد نعتي ؟ قال : أجد نعتك قرنا من حديد قال : و ما قرن من حديد ؟ قال : أمير شديد لا تأخذه في الله لومة لائم قال : ثم مه ؟ قال : ثم يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ظالمة قال : ثم مه ؟ قال : ثم يكون البلاء
و أخرج أحمد و البزار و الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : فضل عمر بن الخطاب الناس بأربع : بذكر الأسرى يوم بدر أمر بقتلهم فأنزل الله : { لولا كتاب من الله سبق } الآية و بذكر الحجاب أمر نساء النبي صلى الله عليه و سلم أن يحتجبن فقالت له زينب : و إنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل علينا في بيوتنا فأنزل الله : { وإذا سألتموهن متاعا } الآية و بدعوة النبي صلى الله عليه و سلم : [ اللهم أيد الإسلام بعمر و برأيه في أبي بكر كان أول من بايعه ]
و أخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : قال : كنا نحدث أن الشياطين كانت مصفدة في إمارة عمر فلما أصيب بثت
و أخرج عن سالم بن عبد الله قال : أبطأ خبر عمر على أبي موسى فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه فقالت : حتى يجيئني شيطاني فجاء فسألته عنه فقال : تركته مؤتزرا بكساء يهنأ إبل الصدقة و ذاك رجل لا يراه شيطان إلا خر لمنخريه الملك بين عينيه و روح القدس ينطق بلسانه
قال سفيان الثوري : من زعم أن عليا كان أحق بالولاية من أبي بكر و عمر فقد أخطأ و خطأ أبا بكر و المهاجرين و الأنصار
و قال شريك : ليس يقدم عليا على أبي بكر و عمر أحد فيه خير
و قال أبو أسامة : أتدرون من أبو بكر و عمر ؟ هما أبو الإسلام و أمه
و قال جعفر الصادق : أنا بريء ممن ذكر أبا بكر و عمر إلا بخير
● [ موافقات القرآن لآراء عمر ] ●
قد أوصلها بعضهم إلى أكثر من عشرين
أخرج ابن مردويه عن مجاهد قال : كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن
و أخرج ابن عساكر عن علي قال : إن في القرآن لرأيا من رأي عمر
و أخرج عن ابن عمر مرفوعا : ما قال الناس في شيء و قال فيه عمر إلا جاء القرآن بنحو ما يقول عمر
و أخرج الشيخان عن عمر قال : وافقت ربي في ثلاث : قلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } و قلت : يا رسول الله يدخل على نسائك البر و الفاجر فلوا أمرتهن يحتجبن فنزلت آية الحجاب و اجتمع نساء النبي صلى الله عليه و سلم في الغيرة فقلت : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك
و أخرج مسلم عن عمر قال : وافقت ربي في ثلاث في الحجاب و في أسارى بدر و في مقام إبراهيم ففي هذا الحديث خصلة رابعة
و في التهذيب للنووي : نزل القرآن بمواقفه في أسرى بدر و في الحجاب و في مقام إبراهيم و في تحريم الخمر فزاد خصلة خامسة و حديثها في السنن و مستدرك الحاكم أنه قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فأنزل الله تحريمها
و أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن أنس قال : عمر : وافقت ربي في أربع نزلت هذه الآية : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } الآية فلما نزلت قلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت : { فتبارك الله أحسن الخالقين } فزاد في هذا الحديث خصلة سادسة و للحديث طريق آخر عن ابن عباس أوردته في التفسير المسند
ثم رأيت في كتاب فضائل الإمامين لأبي عبد الله الشيباني قال : وافق عمر ربه في أحد و عشرين موضعا فذكر هذه الستة و زاد سابعا قصة عبد الملك بن أبي
قلت : حديثها في الصحيح عنه قال : لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه و سلم للصلاة عليه فقام إليه فقمت حتى وقفت حتى وقفت في صدره فقلت : يا رسول الله أو على عدو الله ابن أبي القائل يوم كذا كذا ؟ فو الله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } الآية
و ثامنا { يسألونك عن الخمر }
و تاسعا { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة } الآية قلت : هما مع آية المائدة خصلة واحدة و الثلاثة في الحديث السابق
و عاشرا : لما أكثر رسول الله صلى الله عليه و سلم من الاستغفار لقوم قال عمر : سواء عليهم فأنزل الله : { سواء عليهم أستغفرت لهم } الآية قلت : أخرجه الطبراني عن ابن عباس
الحادي عشر : لما استشار صلى الله عليه و سلم الصحابة في الخروج إلى بدر أشار عمر بالخروج فنزلت : { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق }
الثاني عشر : لما الصحابة في قصة الإفك قال عمر : من زوجكها يا رسول الله ؟ قال : الله قال : أفتظن أن ربك دلس عليك فيها ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت كذلك
الثالث عشر : قصته في الصيام لما جامع زوجته بعد الانتباه و كان ذلك محرما في أول الإسلام فنزل : { أحل لكم ليلة الصيام } الآية
قلت أخرجه أحمد في مسنده
الرابع عشر : قوله تعالى : { من كان عدوا لجبريل } الآية
قلت : أخرجه ابن جرير و غيره من طريق عديدة و أقربها للموافقة ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى : أن يهوديا لقي عمر فقال : إن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدو لنا فقال له عمر : من كان عدوا لله و ملائكته و رسله و جبريل و ميكال فإن الله عدو للكافرين فنزلت على لسان عمر
الخامس عشر : قوله تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون } الآية
قلت : أخرج قصتها ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن أبي الأسود قال : اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقضى بينهما فقال الذي قضى عليه : ردنا إلى عمر بن الخطاب فأتيا إليه فقال الرجل : قضى لي رسول الله صلى الله عليه و سلم على هذا فقال : ردنا إلى عمر فقال : أكذاك ؟ قال : نعم فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال [ ردنا إلى عمر ] فقتله و أدبر الآخر فقال : يا رسول الله قتل عمر ـ و الله ـ صاحبي : فقال ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن فأنزل الله : { فلا وربك لا يؤمنون } الآية فأهدر دم الرجل و برئ عمر من قتله و له شاهد موصول أوردته في التفسير المسند
السادس عشر : الاستئذان في الدخول و ذلك أنه عليه غلامه و كان نائما فقال : اللهم حرم الدخول فنزلت آية الاستئذان
السابع عشر : قوله في اليهود : إنهم قوم بهت
الثامن عشر : قوله تعالى : { ثلة من الأولين * وثلة من الآخرين }
قلت : أخرج قصتها ابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله و هي في أسباب النزول
التاسع عشر : رفع تلاوة : الشيخ و الشيخة إذا زنيا الآية
العشرون : قوله يوم أحد لما قال أبو سفيان : أفي القوم فلان ؟ لا نجيبنه فوافقه رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت : أخرج قصته أحمد في مسنده
قال : و يضم إلى هذا ما أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب [ الرد على الجهمية ] من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن كعب الأحبار قال : ويل لملك الأرض من ملك السماء فقال عمر : إلا من حاسب نفسه فقال كعب : و الذي نفسي بيده إنها في التوراة لتابعتها فخر عمر ساجدا
ثم رأيت في الكامل لابن عدي من طريق عبد الله بن نافع ـ و هو ضعيف ـ عن أبيه عن عمر أن بلالا كان يقول ـ إذا أذن ـ أشهد أن لا إله إلا الله حي على الصلاة فقال له عمر : قل في أثرها : أشهد أن محمدا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ قل كما قال عمر ]
● [ كراماته ] ●
أخرج البيهقي و أبو نعيم كلاهما في دلائل النبوة و اللالكاني في شح السنة و الدير عاقولي في فوائده و ابن الأعرابي في كرامات الأولياء و الخطيب في رواة مالك عن نافع عن ابن عمر قال : وجه عمر جيشا و رأس عليهم رجلا يدعى سارية فبينما عمر يخطب جعل ينادي : يا سارية الجبل ثلاثا ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال : يا أمير المؤمنين هزمنا فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي : يا سارية الجبل ثلاثا فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله قال : قيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك و ذلك الجبل الذي كان سارية عنده بنهاوند من أرض العجم قال ابن حجر في الإصابة : إسناده حسن
و أخرج ابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عمر قال : كان عمر يخطب يوم الجمعة فعرض في خطبته أن قال : يا سارية الجبل من استرعى الذئب ظلم فالتفت الناس بعضهم لبعض فقال لهم علي : ليخرجن مما قال فلما فرغ سألوه فقال : وقع في خلدي أن المشركين هزموا 'إخواننا و إنهم يمرون بجبل فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجه واحد و إن جاوزوا هلكوا فخرج مني ما تزعمون أنكم سمعتموه قال : فجاء البشير بعد شهر فذكر أنهم سمعوا صوت عمر في ذلك اليوم فعدلنا إلى الجبل ففتح الله علينا
و أخرج أبو نعيم في الدلائل عن عمرو بن الحارث قال : بينما عمر على المنبر يخطب يوم الجمعة إذ ترك الخطبة فقال : يا سارية الجبل مرتين أو ثلاثا ثم أقبل على خطبته فقال بعض الحاضرين : لقد جن إنه لمجنون فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف و كان يطمئن إليه فقال : لشد ما ألومهم عليك إنك لتجعل لهم على نفسك مقالا بينا أنت تخطب إذ أنت تصيح يا سارية الجبل أي شيء هذا ؟ قال : إني و الله ما ملكت ذلك رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم و من خلفهم فلم أملك أن قلت : يا سارية الجبل ليلحقوا بالجبل فلبثوا إلى أن جاء رسول سارية بكتابه : إن القوم لقونا يوم الجمعة فقاتلناهم حتى إذا حضرت الجمعة و دار حاجب الشمس سمعنا مناديا ينادي : يا سارية الجبل مرتين فلحقنا بالجبل فلم نزل قاهرين لعدونا حتى هزمهم الله و قتلهم
فقال أولئك الذين طعنوا عليه : دعوا هذا الرجل فإنه مصنوع له
و أخرج أبو القاسم بن بشران في فوائده من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال : قال عمر بن الخطاب لرجل : ما اسمك ؟ قال : جمرة قال : ابن من ؟ قال : ابن شهاب قال : ممن ؟ قال : من الحرقة قال : أين مسكنك ؟ قال : الحرة قال : بأيها ؟ قال : بذات لظى فقال عمر : أدرك أهلك فقد احترقوا فرجع الرجل فوجد أهله قد احترقوا
و أخرج مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد نحوه و أخرجه ابن دريد في الأخبار المنثورة و ابن الكلبي في الجامع و غيرهم
و قال أبو الشيخ في كتاب العظمة : حدثنا أبو الطيب حدثنا علي بن داود حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال : لما فتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل يوم من أشهر العجم فقالوا : يا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها قال : و ما ذاك ؟ قالوا : إذا كان إحدى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها و جعلنا عليها من الثياب و الحلي أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال لهم عمرو : إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام و إن الإسلام يهدم ما كان قبله فأقاموا و النيل لا يجري قليلا و لا كثيرا حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب له : أن قد أصبت بالذي قلت و إن الإسلام يهدم ما كان قبله و بعث بطاقة في داخل كتابه و كتب إلى عمرو : إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل كتابي فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها : من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد : فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر و إن كان الله يجريك فأسأل الله الواحد القهار أن يجريك فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم فاصبحوا و قد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة فقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم
و أخرج ابن عساكر عن طارق بن شهاب قال : إن كان الرجل ليحدث عمر بالحديث فيكذبه الكذبة فيقول : أحبس هذه ثم يحدثه بالحديث فيقول : احبس هذه فيقول له : كل ما حدثتك حق إلا ما أمرتني أن أحبسه
و أخرج عن الحسن قال : إن كان أحد يعرف الكذب إذا حدث به فهو عمر بن الخطاب
و أخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هدبة الحمصي قال : أخبر عمر بأن أهل العراق قد حصبوا أميرهم فخرج غضبان فصل فسها في صلاته فلما سلم قال : اللهم إنهم قد لبسوا علي فالبس عليهم و عجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية : لا يقبل من محسنهم و لا يتجاوز عن مسيئهم
قلت : أشار به إلى الحجاج قال أبو لهيعة : و ما ولد الحجاج يومئذ
● [ نبذ من سيرته ] ●
أخرج ابن سعد عن الأحنف ابن قيس قال : كنا جلوسا بباب عمر فمرت جارية فقالوا : سرية أمير المؤمنين فقال : ما هي لأمير المؤمنين بسرية و لا تحل له إنها من مال الله فقلنا : فماذا يحل له من مال الله تعالى ؟ قال : إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين : حلة للشتاء و حلة للصيف و ما أحج به و أعتمر و قوتي و قوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم و لا بأفقرهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين
و قال خزيمة ابن ثابت : كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له و اشترط عليه أن لا يركب برذونا و لا يأكل نقيا و لا يلبس رقيقا و لا يغلق بابه دون ذوي الحاجات فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة
و قال عكرمة بن خالد و غيره : إن حفصة و عبد الله و غيرهما كلموا عمر فقالوا : لو أكلت طعاما طيبا كان أقوى لك على الحق قال : أكلكم عاى هذا الرأي ؟ قالوا : نعم قال : قد علمت نصحكم و لكني تركت صاحبي على جادة فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل
قال : و أصاب الناس سنة فما أكل عامئذ سمنا و لا سمينا
و قال ابن مليكة : كلم عتبة بن فرقد عمر في طعامه فقال : ويحك ! آكل طيبات في حياتي الدنيا و أستمتع بها ؟ !
و قال الحسن دخل عمر على ابنه عاصم و هو يأكل لحما فقال : ما هذا ؟ قال : قرمنا إليه قال : أو كلما قرمت إلى شيء أكلته ؟ كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى
و قال أسلم : قال عمر : لقد خطر على قلبي شهوة السمك الطري قال : فرحل يرفأ راحلته و سار أربعا مقبلا و أربعا مدبرا و اشترى مكتلا فجاء به و عمد إلى الراحلة فغسلها فأتى عمر فقال : انطلق حتى أنظر إلى الراحلة فنظر و قال : أنسيت أن تغسل هذا العرق الذي تحت أذنيها ؟ عذبت بهيمة في شهوة عمر ؟ ! لا و الله لا يذوق عمر مكتلك
و قال قتادة : كان عمر يلبس ـ و هو خليفة ـ جبة من صوف مرقوعة بعضها بأدم و يطوف في الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب بها الناس و يمر بالنكث و النوى فيلتقطه و يلقيه في منازل الناس ينتفعون به
و قال أنس : رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه
و قال أبو عثمان النهدي : رأيت على عمر إزارا مرقوعا بأدم
و قال عبد الله بن عامر بن ربيعة : حججت مع عمر فما ضرب فسطاطا و لا خباء كان يلقي الكساء و النطع على الشجرة و يستظل تحته
و قال عبد الله بن عيسى : كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء
و قال الحسن : كان عمر يمر بالآية من ورده فيسقط حتى يعاد منها أياما
و قال أنس : دخلت حائطا فسمعت عمر يقول و بيني و بينه جدار : عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ و الله لتتقين الله ابن الخطاب أو ليعذبنك الله
و قال عبد الله بن عامر بن ربيعة : رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض فقال : ليتني كنت هذه التبنة يا ليتني لم أكن شيئا ليت أمي لم تلدني
و قال عبيد الله بن عمر بن حفص : حمل عمر بن الخطاب قربة على عنقه فقيل له في ذلك فقال : إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها
و قال محمد سيرين : قدم صهر لعمر عليه فطلب أن يعطيه من بيت المال فانتهره عمر و قال : أردت أن ألقى الله ملكا خائنا ؟ ثم أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم
و قال النخعي : كان عمر يتجر و هو خليفة
و قال أنس : تقرقر بطن عمر من أكل الزيت عام الرمادة و كان قد حرم على نفسه السمن فنقر بطنه بإصبعه و قال : إنه ليس عندنا غيره حتى يحي الناس
و قال سفيان بن عيينة : قال عمر بن الخطاب : أحب الناس إلي من رفع إلي عيوبي
و قال أسلم : رأيت عمر بن الخطاب يأخذ بأذن الفرس و يأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزو على متن الفرس
و قال ابن عمر : ما رأيت عمر غضب قط فذكر الله عنده أو خوف أو قرأ عنده إنسان آية من القرآن إلا وقف عما كان يريد
و قال بلال لأسلم : كيف تجدون عمر ؟ فقال : خير الناس إلا أنه إذا غضب فهو أمر عظيم فقال بلال : لو كنت عنده إذا غضب قرأت عليه القرآن حتى يذهب غضبه
و قال الأحوص بن حكيم عن أبيه : أتى عمر بلحم فيه سمن فأبى أن يأكلهما
و قال : كل واحد منهما أدم أخرج هذه الآثار كلهما ابن سعد
و أخرج ابن سعد عن الحسن قال : قال عمر : هان شيء أصلح به قوما أن أبدلهم أميرا مكان أمير
كتاب : تاريخ الخلفاء
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيي
منتدى ميراث الرسول - البوابة