من طرف فريق العمل الخميس 30 سبتمبر 2021 - 3:59
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
جمهرة أشعار العرب
● [ المذهبات ] ●
[ حسان بن ثابت الأنصاري ]
الطويل
لَعَمْرُ أَبِيكَ الخَيْرِ حَقّاً لَمَا نَبا ... عَلَيَّ لِسَاني في الخُطُوبِ ولا يَدِي
لِسَاني وسَيْفي صَارِمَانِ كِلاَهُمَا، ... وَيَبْلُغُ، ما لاَ يَبْلُغُ السّيفُ، مِذْوَدِي
وإنْ نَالَني مالٌ كَثيرٌ أَجُدْ بِهِ، ... وَإنْ يُهْتَصَرْ عَودي على الجُهْدِ يَجْمُدِ
فلا المالُ يُنْسِيني حَيَائي وَلاَ وَاقِعاتُ الدّهرِ يَفْلُلْنَ مِبْردي
أُكَثِّرُ أهلي مِنْ عِيالٍ سِوَاهُمُ، ... وَأَطوِي على الماءِ القَراحِ المُبَرَّدِ
وَأُعمِلُ ذاتَ اللّوثِ حتى أَرُدّها، ... مُبَدَّدَةً أَحْلاسُها لم تُشَدَّدِ
تَرَى أَثَرَ الأنْسَاعِ فيها كَأنّها ... مَوَارِدُ مَاءٍ، مُلْتَقَاها بِفَدْفَدِ
أُكَلّفُهَا أَنْ تُدْلِجَ اللّيْلَ كُلَّهُ، ... تَرُوحُ إلى دارِ ابنِ سَلْمَى وَتَغْتَدي
فَأَلْفَيْتُهُ فَيْضاً كَثيراً فُضُولُهُ،جَواداً مَتَى يُذكَرْ لَهُ الحَمْدُ يَزْدَدِ
وَإنّي لَمُزْجٍ للمَطيّ على الوَجَى، ... وَإنيّ لَتَرّاكٌ لِمَا لَمْ أُعَوَّدِ
وَإنيّ لَقَوّالٌ، لَدَى البَيْتِ، مَرْحَباً ... وَأَهلاً، إذا ما ريعَ من كلّ مَرْضَدِ
وَإنيّ لَيَدْعُونِي النّدَى، فَأُجيبُهُ، ... وَأَضْرِبُ بَيْضَ العَارِضِ المُتَوَقِّدِ
فَلاَ تَعْجَلَنْ يَا قَيْسُ، وارْبَعْ، فَإنّما ... قُصاراكَ أَنْ تُلْقَى بِكُلِّ مُهَنّدِ
حُسَامٌ وَأَرماحٌ بِأَيدي أَعِزَّةٍ، ... مَتى تَرَهُمْ، يَا ابنَ الخطيمِ، تَبَلَّدِ
أُسودٍ لها الأشبالُ تَحمي عَرينَها، ... مَداعِيسُ بالخَطّيّ في كلّ مَشْهَدِ
فَقَدْ ذَاقَتِ الأوْسُ القِتَالَ، وَطُرِّدَتْوَأَنْتَ لدى الكُنَّاتِ في كلِّ مَطْرَدِ
فَغَنِّ لَدَى الأبياتِ حُوراً كَوَاعِباً، ... وَحَجِّرْ مَآقيكَ الحِسَانَ بِإثْمِدِ
نَفَتْكُمْ عَنِ العَلْيَاءِ أُمٌّ ذَمِيمَةٌ،وَزَندٌ متى تُقدَحْ بِهِ النّارُ يَصْلَدِ
[ عبد الله بن رواحة ]
الوافر
تَذَكّرَ بَعْدَمَا شَطّتْ نُجودَا، ... وَكَانَتْ تَيّمَتْ قَلبي وَلِيدَا
كَذِي داءٍ غَدَا في النّاسِ يمشي، ... وَيَكْتُمُ داءَهُ زَمَناً عَمِيدَا
تَصَيَّدُ عَوْرَةَ الفِتْيَانِ حتى ... تَصِيدَهُمُ، وَتَشْنَا أَن تَصِيدَا
فَقَدْ صَادَتْ فؤادَكَ يَوْمَ أَبْدَتْ ... أَسيلاً خَدَّها، صَلْتاً، وَجِيدَا
تُزَيِّنُ مَعْقِدَ اللّبّاتِ منها، ... شُنوفٌ في القَلائِدِ، والفَرِيدَا
فإنْ تَضْنُنْ عَلَيْكَ بِمَا لَدَيْهَا، ... وَتَقْلِبْ وَصْلَ نَائِلِها، جَدِيدَا
لَعَمْرُكَ ما يُوَافِقُني خَلِيلٌ، ... إذا ما كانَ ذَا خُلْفٍ كَنُودَا
وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ، غَيْرَ فَخْرٍ، ... إذا لم تُلْفَ ماثِلَةً رَكُودَا
بِأَنّا تَخْرُجُ الشّتَواتُ مِنّا ... إذا ما استحكمتْ، حَسَباً وجُودَا
قَدُورٌ تَغْرَقُ الأوصالُ فيها، ... خَضيبٌ لَوْنُها بِيضاً وَسُودَا
مَتَى ما تَأْتِ يَثْرِبَ، أَو تَزُرْها ... تَجدْنا نَحْنُ أَكْرَمَهَا وُجُودَا
وَأَغْلظَها على الأعداءِ رُكْناً، ... وَأَلْيَنَها لباغي الخَيْرِ عُودَا
وَأَخْطَبَهَا، إذا اجْتَمَعُوا لأَمِرٍ، ... وَأَقْصَدَهَا، وَأَوْفَاهَا عُهُودَا
إذا نُدْعَى لثأْرٍ أو لجارٍ، ... فَنَحْنُ الأكثَرُونَ بها عَدِيدَا
مَتَى مَا تَدْعُ في جَشْمِ بنِ عَوْفٍ ... تَجِدْنِي لا أَغَمَّ، ولا وحيدَا
وَحَوْلِي جَمْعُ سَاعِدَةَ بنِ عَمرٍو، ... وَتَيْمُ اللاّتِ قَدْ لِبِسوا الحَدِيدَا
زَعَمْتُمْ أنما نِلْتُمْ مُلوكاً، ... وَنَزْعُمُ أنما نِلْنَا عَبِيدَا
وَمَا نَبْغِي مِنَ الأحْلاَفِ وَتَراً، ... وَقَدْ نِلْنَا المُسَوَّدَ والمَسُودَا
وَكَانَ نِساءكُمْ في كلّ دارٍ، ... يُهَرِّشنَ المَعَاصِمَ والخُدُودَا
تَرَكْنَا جُحَجَبَى كَبَنَاتِ فَقْعٍ، ... وَغَوْغَا في مَجَالِسِها قُعُودَا
وَرَهْطَ أَبي أُمَيّةَ قَدْ أَبَحْنَا، ... وَأَوْسَ اللَّهِ أَتْبَعَنَا ثَمُودَا
وَكُنْتُمْ تَدّعُونَ يَهُود مالاً ... أَلاَنَ وَجَدْتُمُ فِيهَا يَهُودَا
وَقَدْ رَدّوا الغَنَائِمَ في طَرِيفٍ ... وَنَحَّامٍ وَرَهْطِ أَبِي يَزِيدَا
[ مالك بن عجلان ]
المنسرح
إنّ سَمِيراً أَرَى عَشِيرَتَهُ، ... قَدْ حَدِبُوا دُونَهُ، وَقَدْ أَنِفُوا
إنْ يَكُنِ الظّنُّ صَادِقاً بِبَني النّجّا ... رِ لا يُطْعِمُوا الذي عَلَفُوا
لَنْ يُسَلِمُونَا لِمَعْشَرٍ أَبَداً، ... مَا كَانَ مِنْهُمْ بِبَطْنِهَا شَرَفُ
لَكِنْ مَوَاليّ قَدْ بَدَا لَهُمُ ... رَأْيٌ سِوَى ما لَدَيّ، أَوْ ضَعُفُوا
إمّا يَخيِمُونَ في اللِّقاءِ، وإم ... ا وِدُّهم في الصّدِيقِ مُضْطَعَفُ
بَيْنَ بَني جُحَجَبَى، وبَيْنَ بَنِي ... زيدٍ، فَأَنّي لجاريَ التَّلَفُ؟
لاَ نَقْبَلُ الدّهْرَ دُونَ سُنّتِنا ... فينا، ولا دونَ ذاكَ مُنْصَرَفُ
إنْ لاَ يُؤَدّوا الذي يُقَالُ لَهُمْ ... في جَارِنَا، يُقْتَلُوا وَيُخْتَطَفُوا
مَا مِثْلَنَا يُحْتَدَى بِسَفْكِ دَمٍ، ... ما كانَ فِينَا السّيوفُ، والزُّغَفُ
وَالبِيضُ يَغْشَى العُيُونَ لأْلُؤها، ... مُلساً، وَفِينَا الرِّماحُ والجُحَفُ
نَحْنُ بَنُو الحَرْبِ حِينَ تَشْتَجِرُ ال ... حَرْبُ، إذا ما يَهَابُهَا الكُشَفُ
أَبْنَاءُ حَرْبِ الحُرُوبِ ضَرّسَنا ... أَبْكَارُها، والعَوَأنُ والشُّرُفُ
ما مثلُ قَوْمِي قومٌ، إذا غَضِبُوا، ... عِنْدَ قِرَاعِ الحُرُوبِ، تَنْصَرِفُ
يَمْشُونَ مَشْيَ الأُسُودِ في رَهْجِ ال ... موْتِ إلَيْهِ، وَكُلّهُمْ لَهَفُ
مَا قَصّرَ المَجْدُ دُونَ مَحْتِدِنَا، ... بل لَمْ يَزَلْ في بُيوتِنَا يَكِفُ
أَبْلِغْ بني جُحجَبَى، فقد لَقِحَتْ ... حَرْبٌ عَوانٌ، فهل لَكُمْ سَدَفُ
يَمْشُونَ فيها، إذا لَقَيْتَهُمُ، ... خَوادِراً، والرّمَاحُ تَخْتَلِفُ
إنّ سَمِيراً عَبْدٌ بَغَى بَطَراً، ... فَأَدْرَكَتْهُ المَنِيّةُ التَّلِفُ
قد فَرّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَمْرِكُمُ، ... في كُلّ صَرْفٍن فَكَيْفَ يأْتَلِفُ
نَمْنَعُ ما عِنْدَنَأ بِهِزَّتِنا، ... زالضّيْمَ نَأْبَى، وكُلُّنا أَنِفُ
[ قيس بن الخطيم الأوسي ]
الطويل
أَتَعْرِفُ رَسْماً، كالطِّرازِ المَذهَبِ، ... لَعَمْرَةَ وَحْشاً، غَيْرَ مَوْقِفِ رَاكِبِ
تَبَدّتْ لَنَا كالشّمْسِ تَحْتَ غَمَامَةٍ، ... بَدَا حَاجِبٌ مِنْهَا، وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ
دِيارَ التي كَانَتْ وَنَحْنُ عَلَى مِنىً، ... تَحِلُّ بِهَا، لولا نَجَاءُ النّجَائِبِ
وَلَمْ أَرَها، إلاّ ثَلاثاً على مِنىً، ... وَعَهْدِي بِهَا عَذْرَاءَ ذاتَ ذَوَائِبِ
وَمِثْلَكِ قَد أَصْبَيْتُ لَيْسَتْ بِكَنَّةٍ ... وَلاَ جَارَةٍ فينا، حَلِيلَةِ صَاحِبِ
دَعَوْتُ بَني عَوْفٍ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ، ... فَلَمّا أَبَوا، سامحتُ في حَرْبِ حَاطِبِ
وَكُنْتُ أَمرأً لا أَبْعَثُ الحَرْبَ ظالِماً،فَلَمّا أبَوْا أَشْعَلْتُ من كلّ جَانِبِ
أَرِبْتُ بِدَفْعِ الحَرْبِ لَمّا رَأَيْتُها،عن الدّفْعِ، لا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقَارُبِ
إذا لم يَكُن عَنْ غَايَةِ الحَرْبِ مِدْفَعٌ،فَأَهْلاً بِهَا، إذْ لَمْ تَزَلْ في المَراحِبِ
فَلَمّا رَأَيْتُ الحَرْبَ حَرْباً تَجَرّدَتْ،لَبِسْتُ مَعَ البُرْدَيْنِ ثَوْبَ المُحارِبِ
مُضَاعِفَةً يَغْشَى الأنَامِلَ رَيْعُها، ... كَأَنّ قَتِيريها عُيُونُ الجَنَادِبِ
وَسَامَحَ فِيهَا الكاهِنَانِ وَمَالِكٌ، ... وَثَعْلَبَةُ الأخْيَارِ، رَهْطُ القَبَاقِبِ
رِجَالٌ مَتَى يُدْعَوا إلى الحَرْبِ، يُرْقِلوا ... إلَيْهَا، كإرقالِ الجمَالِ المَصَاعِبِ
إذَا فَزِعوا مَدّوا إليّ قَوَاحِزاً، ... كَمَوْجِ الأتيِّ المُزْبِدِ المُتَرَاكِبِ
تَرَى قِصَدَ المُرّانِ فيها كَأَنّها ... تَذَرُّعُ خُرْصَانٍ بِأَيْدِي الشّواطِبِ
وَمِنّا الذي آلَى ثَلاَيِينَ حِجّةً ... عَن الخَمْرِ، حتى زَارَكُمْ بِالكَتَائِبِ
وَلَمّا هَبَطْنَا السَّهْلَ قَالَ أَمِيرُنَا ... حَرامٌ عَلَيْنَا الخَمْرُ ما لم نُضَارِبِ
فَتَابَعَهُ مِنّا رِجالٌ أَعِزَّةٌ، ... فَمَا رَجَعُوا حتى أُحِلّتْ لِشَارِبِ
رَمَيْنَا بِهَا الآطامَ حَوْلَ مُزَاحِمٍ، ... قَوَانِسُ أُولى بَيْضِها كَالكَوَاكِبِ
لَوْ انّكَ تُلْقِي حَنْظَلاً فَوْقَ بَيْضِنا تَدَحْرَجَ عَنْ ذَي سَامِهِ المُتَقَارِبِ
إذا مَا فَرَرْنَا كَانَ أَسْوا فِرارِنا ... صُدودَ الخُدُودِ، وازْوِرار المَنَاكِبِ
صُدُودَ الخُدُودِ، والقَنَا مُتَشَاجِرٌ، ... وَلا تَبْرَحُ الأُقدامُ عِنْدَ التّضَارُبِ
فَهَلاّ لَدَى الحَرْبِ العَوَانِ صَبِرْتُمُ لَوَقْعَتِنَا، والمَوْتُ صَعْبُ المَرَاكِبِ
طَرَرْنَاكُمُ بِالبِيضِ حَتّى لأَنْتُمُ ... أذَلُّ مَنْ السُّقبانِ بَيْنَ الحَلاَئِبِ
لَقِيتكُمُ يَوْمَ الخَنَادِقِ حَاسِراً، ... كَأَنّ يَدَي بالسّيْفِ مِخْرَاقُ لاَعِبِ
وَيَوْمَ بُعَاثٍ أَسْلَمْتَنَا سُيُوفُنا ... إلى حَسَبٍ في جَذْمِ غَسّانَ ثَاقِبِ
يُجَرِّدنَ بِيضاً كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ، ... ويَغْمِدْنَ حُمْراً خَاضِباتِ المَضَارِبِ
أَطَاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أَميراً نَهَاهُمُ ... عنِ السّلْمِ، حتى كانَ أَوّلَ واجِبِ
قَتَلْنَاكُمُ يَوْمَ الفَجَارِ وَقَبْلَهُ، ... وَيَوْمُ بُعاثٍ كَانَ يَوْمَ التّغَالُبِ
صَبَحْنَاكُمُ بَيْضَاءَ يَبْرُقُ بَيْضُها، ... تُبِينَ خَلاَخِيلَ النّساءِ الهَوَارِبِ
أَتَتْ عُصْبَةٌ لِلأْوسِ تَخْطُرُ بالقَنَا، ... كَمَشْيِ الأسودِ في رَشَاشِ الأهَاضِبِ
رَضِيتُ لِعَوْفٍ أَنْ تَقُولَ نِسَاؤهُمْوَيَهْزَأْنَ مِنْهُمْ: لَيْتَنَا لَمْ نُحَارِبِ
فَلَوْلاَ ذُرَى الآكامِ، قَدْ تَعْلَمُونَهُ،وَتَرْكُ الفَضَا شُورِكْتُمُ في الكَوَاعِبِ
أَصَابَ صَرِيحَ القَوْمِ غَرْبُ سُيُوفِنَا،وَغَادَرْنَ أَبْنَاءَ الإِماءِ الحَوَاطِبِ
وَأُبنا إلى أَبْنَائِنَا وَنِسائِنا، ... وما مَنْ تَرَكْنَا، في بُعاثٍ، بِآيِبِ
فَلَيْتَ سُوَيداً راءَ مَنْ خَرّ مِنْهُمُ، ... وَمَنْ فَرّ، إذ نَحدوهُمُ كَالحَلائِبِ
[ أحيحة بن الجلاح ]
الوافر
صَحَوْتُ عَنْ الصّبَا، والدّهْرُ غُوْلُ، ... وَنَفْسُ المَرْءِ، آوِنةً، قَتُولُ
وَلَو أَنّي أَشَاءُ نَعِمْتُ حَالاً، ... وَبَاكَرَني صَبُوحٌ، أَوْ نَشِيلُ
وَلاَعَبَني على الأنْمَاطِ لُعْسٌ، ... على أفواهِهِنّ الزّنْجَبيلُ
وَلَكِنّي جَعَلْتُ إزايَ مَالي، ... فَأُقْلِلُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَو أُنِيلُ
فَهَلْ مِنْ كَاهِنٍ أَوْ ذِي إلَهٍ، ... إذا ما حَانَ مِنْ رَبٍ أُفُولُ
يُراهِنُني فَيَرهَنُني بَنِيهِ، ... وأَرهَنُهُ بَنيَّ بِمَا أقُولُ
وَمَا يَدْرِي الفَقيرُ مَتَى غِنَاهُ، ... وَمَا يَدْرِي الغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ
وَمَا تَدْرِي، وَإنْ أَلْقَحْتَ شَوْلاً، ... أَتَلْقَحُ بَعْدَ ذلكَ أَمْ تَحِيلُ
وَمَا تَدْرِي وَإنْ أَجْمَعْتَ أَمْراً، ... بِأَيّ الأرْضِ يُدْرِكُكَ المَقِيلُ
لَعَمْرُ أَبِيكَ مَا يُغْنِي مُقَامي ... مِنَ الفِتْيَانِ أَنْجِيَةٌ حُفُولُ
يَرُومُ، وَلاَ يُقَلِّصُ مُشْمَعِلاً، ... عَنِ العَوْرَاءِ مَضْجَعُهُ الفَصيلُ
تَبُوعٌ للحَلِيلَةِ حَيْثُ كَانَتْ، ... كَمَا يَعْتَادُ لِقِحَتَهُ الفَصيلُ
إذا ما بِتُّ أَعْصُبُهَا، فَبَاتَتْ ... عَلَيّ، مَكَانَها، الحُمّى النَّسُولُ
لَعَلّ عِصَابَها يَأْتِيكَ حَرْباً، ... وَيَأتِيهِمْ بِعَوْرَتِكَ الدّلِيلُ
وَقَد أَعْدَدْتُ للحَدَثَانِ حِصناً، ... لَوَ انّ المَرْءَ تَنْفَعُهُ العُقُولُ
طَوِيلَ الرّأسِ أَبْيَضَ مُشْمَخِرّاً، ... يَلُوحُ كَأنّهُ سَيْفٌ صَقِيلُ
جَلاَهُ القَيْنُ ثَمّتَ لَمْ تَشِنْهُ ... بِشَائِنَةٍ، ولا فِيهِ فُلُولُ
هُنَالِكَ لاَ يُشَاكِلُني لَئِيمٌ، ... لَهُ حَسَبٌ أَلَفُّ، ولا دَخِيلُ
وقد عَلِمَتْ بَنُو عَمْرٍو بِأَنّي ... مِنَ السَّرَوَاتِ أَعْدِلُ مَا يَميلُ
وَمَا مِنْ إخْوَةٍ كَثُرُوا وَطَابُوا ... بِنَاشِئَةٍ، لأُمّهِمُ الهَبُولُ
سَتَثْكُلُ، أَوْ يُفَارِقُهَا بَنُوهَا، ... سَرِيعاً، أَوْ يَهِمّ بِهِمْ قَبِيلُ
[ أبو قيس بن الأسلت ]
السريع
قالتْ، وَلَمْ تَقْصِدْ لِقَوْلِ الخَنَا: ... مَهْلاً! فَقَدْ أَبْلَغْتِ أَسْمَاعي
أَنْكَرْتُهُ حَتّى تَوَسّمْتُهُ ... وَالحَرْبُ غُولٌ، ذَاتُ أَوْجَاعِ
مَنْ يَذُقِ الحَرْبَ يَجِدْ طَعْمَها ... مُرّاً، وَتَحْبِسْهُ بِجَعجاعِ
قَدْ حَصّتِ البَيْضَةُ رَأْسي، فَمَا ... أَطْعَمُ نَوْماً غَيْرَ تَهْجَاعِ
أَسْعَى عَلى جُلّ بَني مَالِكٍ، ... كلُّ امرىءٍ في شأْنِهِ سَاعِ
بَيْنَ يَدَيْ فَضْفَاضَةٍ فَخْمَةٍ ... ذَاتِ عَرَانينَ وَدَفّاعِ
أَعْدَدْتُ لِلْهَيْجَاءِ مَوْضُونَةً، ... مُتَرَصّةً كالنّهْيِ بِالقَاعِ
أَخْفُرُهَا عَنّي رَوْنَقٍ، ... أَبْيَضَ مِثْلَ المِلْحِ قَطّاعِ
صَدْقٍ حُسَامٍ، وَادِقٌ حَدُّهُ ... وَمَجنإٍ أَسْمَرَ فَزّاعِ
لاَ نَأْلَمُ القَتْلَ، وَنَجْزِي به ال ... أَعداءَ كَيْلَ الصّاعِ بِالصّاعِ
كَأنّنَا أُسْدٌ لَدَى أَشْبُلٍ ... يَنْتَهتْنَ في غِيْلٍ وَأَجْزَاعِ
ثُمّ الْتَقَيْنَا، وَلَنا غَابَةٌ ... مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ غير جُمّاعِ
والكَيْسُ والقُوّةُ خَيْرٌ مِنَ ... الإِشْفَاقِ، والفَكّةِ، والهاعِ
لَيْسَ قَطَا مِثْل قُطَيّ ولا ال ... مَرْعِيّ في الأقْوَامِ كَالرّاعي
فَسَائِلِ الأحْلاَفَ، إذْ قَلّصَتْ، ... ما كانَ إبطائي وإسراعي
هَلْ أَبْذُلُ المَالَ على حُبّهِ ... فِيكُمْ، وآتي دَعْوَةَ الدّاعي
وَأَضْرِبُ القَوْنَسَ بِالسّيْفِ في ال ... هَيْجَاءِ لم يَقْصُرْ بِهِ باعي
فَتِلْكَ أَفْعَالي، وقد أَقْطَعُ ال ... خَرْقَ، عَلى أَدْمَاءَ هِلْوَاعِ
ذَاتِ شَقَاشِقٍ جَمَالِيّةٍ، ... زِينَتْ بِحِيريٍ وَأَقْطَاعِ
تَمْطُو على الزّجْرِ، وَتَنْجُو ... مِنَ السَّوْطِ، أَمُونٌ، غَيْرُ مِظْلاَعِ
أَقْضِي بِهَا الحاجاتِ، إنّ الفتى ... رَهْنٌ لِذي لَوْنَيْنِ خَدّاعِ
[ عمرو بن امرىء القيس ]
المنسرح
يا مالُ، والسّيّدُ المُعَمَّمُ قَدْ ... يُبْطِرُهُ بَعْضُ رَأْيِهِ السَّرِفُ
خَالَفْتَ فيِ الرّأْيِ كُلَّ ذِي فَخَرٍ، ... والحَقُّ، يَا مَالُ، غَيْرُ مَا تَصِفُ
لاَ يُرْفَعُ العَبْدُ فَوْقَ سُنّتِهِ، ... والحَقُّ يُوفَى بِهِ، وَيُعْتَرَفُ
إنّ بُحَيراً عَبْدٌ لِغَيْرِكُمُ، ... يا مالُ، والحَقُّ عِنْدَهُ، فَقِفُوا
أُوتِيتُ فِيهِ الوَفَاءَ مُعْتَرِفاً ... بالحَقّ فِيهِ لَكُمْ، فَلا تَكِفُوا
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا، وأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَكَ رَاضٍ، والرّأْيُ مُخْتَلِفُ
نحنُ المَكيثُونَ حَيْثُ يَحمَدُنا ال ... مُكثُ، وَنَحْنُ المَصَالِتُ الأُنُفُ
وَالحافظو عَورَةِ العَشِيرَةِ لا ... يأتِيهِمُ، من وَرَائِهِمْ، وَكَفُ
واللَّهِ لا يَزْدَهي كَتِيبَتَنَا ... أُسدُ عَرينٍ، مَقِيلُها غُرَفُ
إذا مَشَيْنَا في الفَارِسيِّ كَمَا ... تَمْشي جِمالٌ مَصَاعِبٌ، قُطُفُ
نَمْشي إلى المَوْتِ مِنْ خَفَائِظِنا، ... مَشْياً ذَرِيعاً، وَحُكْمُنَا نَصَفُ
إنّ سَمِيراً أَبَتْ عَشِيرَتُهُ ... أَنْ يَعْرِفُوا فَوْقَ مَا بِهِ نُطِفُوا
أَوْ تَصْدُر الخَيْلُ، وَهِيَ حَامِلَةٌ، ... تَحْتَ صُوَاهَا جَمَاجِمٌ جُفُفُ
أَوْ تَجْرَعُوا الغَيْظَ مَا بَدَا لَكُمُ، ... فَهَارِشوا الحَرْبِ حَيْثُ تَنْصَرِفُ
إنّي لأُنمِي، إذا انْتَمَيْتُ، إلى ... غُرٍ كِرامٍ، وَقَوْمُنا شَرَفُ
بِيضٌ جِعَادٌ، كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ ... يُكْحِلُها في المَلاَحِمِ السَّدَفُ
كتاب : جمهرة أشعار العرب
المؤلف : أبو زيد القرشي
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة