منتدى قوت القلوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد!
يشرفنا أن تقوم
بالدخول
أو
التسجيل
إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
منتديات الرسالة الخاتمة
منتدى ميراث الرسول
منتدى حكماء رحماء الطبى
منتدى غذاؤك دواؤك
منتدى دليل الثقافة الغذائية
منتدى بنات بنوتات
منتدى نافذة ثقافية
منتدى دنيا الكراكيب
منتدى صبايا مصرية
منتدى همسات الحموات
منتدى الف توتة و حدوتة
منتدى قوت القلوب
مكتبة السيرة والقصص والتاريخ
السيرة النبوية المُطهرة
المُجلد ألثانى
من إسْلَامُ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ إلى اسْتِرْضَاءُ كَعْبٍ الْأَنْصَارَ
فريق العمل
فريق العمل
Admin
المساهمات
:
2671
تاريخ التسجيل
:
22/12/2013
مساهمة رقم 1
من إسْلَامُ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ إلى اسْتِرْضَاءُ كَعْبٍ الْأَنْصَارَ
من طرف
فريق العمل
الأربعاء 3 فبراير 2021 - 13:26
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
السيرة النبوية المطهرة
السيرة النبوية لابن هشام
المُجلد ألثانى
من إسْلَامُ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النّصْرِيّ
إلى اسْتِرْضَاءُ كَعْبٍ الْأَنْصَارَ بِمَدْحِهِ إيّاهُمْ
● [ إسْلَامُ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النّصْرِيّ ]
وَقَالَ [ ص 491 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِوَفْدِ هَوَازِ نَ ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ مَا فَعَلَ ؟ فَقَالُوا : هُوَ بِالطّائِفِ مَعَ ثَقِيفٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَخْبِرُوا مَالِكًا أَنّهُ إنْ أَتَانِي مُسْلِمًا رَدَدْت عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَيْته مِئَةً مِنْ الْإِبِلِ فَأَتَى مَالِكٌ بِذَلِكَ فَخَرَجَ إلَيْهِ مِنْ الطّائِفِ . وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ خَافَ ثَقِيفًا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُ مَا قَالَ فَيَحْبِسُوهُ فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَهُيّئَتْ لَهُ وَأَمَرَ بِفَرَسِ لَهُ فَأُتِيَ بِهِ إلَى الطّائِفِ ، فَخَرَجَ لَيْلًا ، فَجَلَسَ عَلَى فَرَسِهِ فَرَكَضَهُ حَتّى أَتَى رَاحِلَتَهُ حَيْثُ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُحْبَسَ فَرَكِبَهَا ، فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَدْرَكَهُ بِالْجِعْرَانَةِ أَوْ بِمَكّةَ فَرَدّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَاهُ مِئَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حِينَ أَسْلَمَ :
مَا إنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ ... فِي النّاسِ كُلّهِمْ بِمِثْلِ مُحَمّدِ
أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إذَا اُجْتُدِيَ ... وَمَتَى تَشَأْ يُخْبِرْكَ عَمّا فِي غَدِ
وَإِذَا الْكَتِيبَةُ عَرّدَتْ أَنْيَابُهَا ... بِالسّمْهَرِيّ وَضَرْبِ كُلّ مُهَنّدِ
فَكَأَنّهُ لَيْثٌ عَلَى أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ الْهَبَاءَةِ خَادِرٌ فِي مَرْصَدِ
فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ وَتِلْكَ الْقَبَائِلُ ثُمَالَةُ وَسَلِمَةُ وَفَهْمٌ فَكَانَ يُقَاتِلُ بِهِمْ ثَقِيفًا ، لَا يَخْرُجُ لَهُمْ سَرْحٌ إلّا أَغَارَ عَلَيْهِ حَتّى ضَيّقَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَبُو مِحْجَنِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثّقَفِي :
هَابَتْ الْأَعْدَاءُ جَانِبَنَا ... ثُمّ تَغْزُونَا بَنُو سَلِمَهْ
وَأَتَانَا مَالِكٌ بِهِمْ ... نَاقِضًا لِلْعَهْدِ وَالْحُرْمَهْ
وَأَتَوْنَا فِي مَنَازِلِنَا ... وَلَقَدْ كُنّا أُولِي نَقِمَهْ
[ قَسْمُ الْفَيْءِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ [ ص 492 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ رَدّ سَبَايَا حُنَيْنٍ إلَى أَهْلِهَا ، رَكِبَ وَاتّبَعَهُ النّاسُ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللّهِ اقْسِمْ عَلَيْنَا فَيْئًا مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ حَتّى أَلْجَئُوهُ إلَى شَجَرَةٍ فَاخْتَطَفَتْ عَنْهُ رِدَاءَهُ فَقَالَ أَدّوا عَلَيّ رِدَائِي أَيّهَا النّاسُ فَوَاَللّهِ أَنْ لَوْ كَانَ لَكُمْ بِعَدَدِ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْته عَلَيْكُمْ ثُمّ مَا أَلْفَيْتُمُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذّابًا ، ثُمّ قَامَ إلَى جَنْبِ بَعِيرٍ فَأَخَذَ وَبَرَةً مِنْ سَنَامِهِ فَجَعَلَهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ ثُمّ رَفَعَهَا ، ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ وَاَللّهِ مَالِي مِنْ فَيْئِكُمْ وَلَا هَذِهِ الْوَبَرَةُ إلّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ . فَأَدّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ فَإِنّ الْغُلُولَ يَكُونُ عَلَى أَهْلِهِ عَارًا وَنَارًا وَشَنَارًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِكُبّةٍ مِنْ خُيُوطِ شَعَرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَخَذْت هَذِهِ الْكُبّةَ أَعْمَلُ بِهَا بَرْذَعَةَ بَعِيرٍ لِي دَبِرَ فَقَالَ أَمّا نَصِيبِي مِنْهَا فَلَك قَالَ أَمّا إذْ بَلَغَتْ هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا ، ثُمّ طَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَذَكَرَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَى امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَسَيْفُهُ مُتَلَطّخٌ دَمًا ، فَقَالَتْ إنّي قَدْ عَرَفْت أَنّك قَدْ قَاتَلْت ، فَمَاذَا أَصَبْت مِنْ غَنَائِمِ الْمُشْرِكِينَ ؟ فَقَالَ دُونَكِ هَذِهِ الْإِبْرَةَ تَخِيطِينَ بِهَا ثِيَابَك ، فَدَفَعَهَا إلَيْهَا ، فَسَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَلْيَرُدّهُ حَتّى الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ . فَرَجَعَ عَقِيلٌ فَقَالَ مَا أَرَى إبْرَتَكِ إلّا قَدْ ذَهَبَتْ فَأَخَذَهَا ، فَأَلْقَاهَا فِي الْغَنَائِمِ
[ عَطَاءُ الْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُؤَلّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَكَانُوا أَشْرَافًا مِنْ أَشْرَافِ النّاسِ يَتَأَلّفُهُمْ وَيَتَأَلّفُ بِهِمْ قَوْمَهُمْ فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ [ ص 493 ] حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى الْحَارِثَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ ، أَخَا بَنِي عَبْدِ الدّارِ مِئَةَ بَعِيرٍ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : نَصِيرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُ اسْمُهُ الْحَارِثَ أَيْضًا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَعْطَى الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ أَبِي قَيْسٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى الْعَلَاءَ بْنَ جَارِيَةَ الثّقَفِيّ حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ التّمِيمِيّ مِئَةَ بَعِيرٍ . وَأَعْطَى مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ النّصْرِيّ مِئَةَ بَعِيرٍ وَأَعْطَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيّةَ مِئَةَ بَعِيرٍ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْمِئِينَ وَأَعْطَى دُونَ الْمِئَةِ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ ، مِنْهُمْ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الزّهْرِيّ ، وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيّ ، وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ ، لَا أَحْفَظُ مَا أَعْطَاهُمْ وَقَدْ عَرَفْت أَنّهَا دُونَ الْمِئَةِ وَأَعْطَى سَعِيدَ بْنَ يَرْبُوعِ بْنَ عَنْكَثَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى السّهْمِيّ خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَاسْمُهُ عَدِيّ بْنُ قَيْسٍ .
[ شِعْرُ ابْنِ مِرْدَاسٍ يَسْتَقِلّ مَا أَخَذَ وَإِرْضَاءُ الرّسُولِ لَهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَعْطَى عَبّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَبَاعِرَ فَسَخِطَهَا ، فَعَاتَبَ فِيهَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ يُعَاتِبُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
كَانَتْ نِهَابًا تَلَافَيْتُهَا ... بِكَرّي عَلَى الْمُهْرِ فِي الْأَجْرَعِ
وَإِيقَاظِي الْقَوْمَ أَنْ يَرْقُدُوا ... إذَا هَجَعَ النّاسُ لَمْ أَهْجَعْ
فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعَبِيدِ ... بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَإٍ ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعْ
إلّا أَفَائِلَ أُعْطِيتُهَا ... عَدِيدَ قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ ... يَفُوقَانِ شَيْخِي فِي الْمَجْمَعِ
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئِ مِنْهُمَا ... وَمَنْ تَضَعْ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعْ
[ ص 494 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَنْشَدَنِي يُونُسُ النّحْوِيّ :
فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ ... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوا عَنّي لِسَانَهُ ، فَأَعْطَوْهُ حَتّى رَضِيَ فَكَانَ ذَلِك قَطْعَ لِسَانِهِ الّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ عَبّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَتَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْتَ الْقَائِلُ " فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعَبِيدِ بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ " ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ : بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هُمَا وَاحِدٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَشْهَدُ أَنّك كَمَا قَالَ اللّهُ { وَمَا عَلّمْنَاهُ الشّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ }
[ تَوْزِيعُ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ عَلَى الْمُبَايِعِينَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَحَدّثَنِي ، مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إسْنَادٍ لَهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ بَايَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فَأَعْطَاهُمْ يَوْمَ الْجِعْرَانَةِ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ . مِنْ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ : أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيّةَ ، وَطَلِيقُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيّةَ ، وَخَالِدُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيّةَ . [ ص 495 ] بَنِي عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ : شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدّارِ وَأَبُو السّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْلَةَ بْنِ السّبّاقِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ . وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَخَالِدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَهِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَسُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ ، وَالسّائِبُ بْنُ أَبِي السّائِبِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ . وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ : مُطِيعُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ نَضْلَةَ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ .
وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْنِ عَمْرٍو : صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَأُحَيْحَةُ بْنُ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبِ بْنِ خَلَفٍ .
وَمِنْ بَنِي سَهْمٍ عَدِيّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ .
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ : حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدّ وَهِشَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حُبَيّبٍ . وَمِنْ أَفْنَاءِ الْقَبَائِلِ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ صَخْرِ بْنِ رَزْنِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ نُفَاثَةَ بْنِ عَدِيّ بْنِ الدّيلِ .
وَمِنْ بَنِي قَيْسٍ ، ثُمّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ثُمّ مِنْ بَنِي كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ .
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ : خَالِدُ بْنُ هَوْذَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَحَرْمَلَةُ بْنُ هَوْذَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرٍو . وَمِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَالِكُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ .
وَمِنْ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ : أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ . وَمِنْ بَنِي غَطَفَانَ ، ثُمّ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ .
[ ص 496 ] بَنِي تَمِيمٍ ثُمّ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسِ بْنِ عِقَالٍ مِنْ بَنِي مُجَاشِعِ بْنِ دَارِم.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التّيْمِيّ : أَنّ قَائِلًا قَالَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللّهِ أَعْطَيْت عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِئَةً مِئَةً وَتَرَكْت جُعَيْلَ بْنَ سُرَاقَةَ الضّمْرِيّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَا وَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَجُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ خَيْرٌ مِنْ طِلَاعِ الْأَرْضِ كُلّهُمْ مِثْلُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَلَكِنّي تَأَلّفْتهمَا لِيُسْلِمَا ، وَوَكَلْتُ جُعَيْلَ بْنَ سُرَاقَةَ إلَى إسْلَامِهِ.
[ اعْتِرَاضُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التّمِيمِيّ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، عَنْ مِقْسَمِ أَبِي الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، قَالَ خَرَجْت أَنَا وَتَلِيدُ بْنُ كِلَابٍ اللّيْثِيّ ، حَتّى أَتَيْنَا عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مُعَلّقًا نَعْلَهُ بِيَدِهِ فَقُلْنَا لَهُ هَلْ حَضَرْتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ كَلّمَهُ التّمِيمِيّ يَوْمَ حُنَيْنٍ ؟ قَالَ نَعَمْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُعْطِي النّاسَ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ قَدْ رَأَيْتُ مَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَجَلْ فَكَيْفَ رَأَيْت ؟ فَقَالَ لَمْ أَرَك عَدَلْت ؟ قَالَ فَغَضِبَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ قَالَ وَيْحَك إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَدْلُ عِنْدِي ، فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : يَا رَسُولَ اللّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ ؟ فَقَالَ لَا ، دَعْهُ فَإِنّهُ سَيَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ يَتَعَمّقُونَ فِي الدّينِ حَتّى يَخْرُجُوا مِنْهُ كَمَا يَخْرُجُ السّهْمُ مِنْ الرّمِيّةِ يُنْظَرُ فِي النّصْلِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ ثُمّ فِي الْفِدْحِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ ثُمّ فِي الْفُوقِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدّمَ [ ص 497 ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَسَمّاهُ ذَا الْخُوَيْصِرَةِ .
[ شِعْرُ حَسّانَ فِي حِرْمَانِ الْأَنْصَارِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَلَمّا أَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا أَعْطَى فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا ، قَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُعَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ
زَادَتْ هُمُومٌ فَمَاءُ الْعَيْنِ مُنْحَدِرُ ... سَحّا إذَا حَفَلَتْهُ عَبْرَةٌ دَرِرُ
وَجْدًا بِشَمّاءَ إذْ شَمّاءُ بَهْكَنَةٌ ... هَيْفَاءُ لَا دَنَسٌ فِيهَا وَلَا خَوَرُ
دَعْ عَنْك شَمّاءَ إذْ كَانَتْ مَوَدّتُهَا ... نَزْرًا وَشَرّ وِصَالِ الْوَاصِلِ النّزِرُ
وَأْتِ الرّسُولَ فَقُلْ يَا خَيْرَ مُؤْتَمَنٍ ... لِلْمُؤْمِنِينَ إذَا مَا عُدّدَ الْبَشَرُ
عَلَامَ تُدْعَى سُلَيْمٌ وَهْي نَازِحَةٌ ... قُدّامَ قَوْمٍ هُمْ آوَوْا وَهُمْ نَصَرُوا
سَمّاهُمْ اللّهُ أَنْصَارًا بِنَصْرِهِمْ ... دِينَ الْهُدَى وَعَوَانُ الْحَرْبِ تَسْتَعِرُ
وَسَارَعُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْتَرَفُوا ... لِلنّائِبَاتِ وَمَا خَامُوا وَمَا ضَجِرُوا
وَالنّاسُ أَلْبٌ عَلَيْنَا فِيك لَيْسَ لَنَا ... إلّا السّيُوفَ وَأَطْرَافَ الْقَنَا وَزَرُ
نُجَالِدُ النّاسَ لَا نُبْقِي عَلَى أَحَدٍ ... وَلَا نُضَيّعُ مَا تُوحِي بِهِ السّوَرُ
وَلَا تَهِرّ جُنَاةُ الْحَرْبِ نَادِيَنَا ... وَنَحْنُ حِينَ تَلَظّى نَارُهَا سُعُرُ
كَمَا رَدَدْنَا بِبَدْرٍ دُونَ مَا طَلَبُوا ... أَهْلَ النّفَاقِ وَفِينَا يُنْزَلُ الظّفَرُ
وَنَحْنُ جُنْدُك يَوْمَ النّعْفِ مِنْ أُحُدٍ ... إذْ حَزّبَتْ بَطَرًا أَحْزَابَهَا مُضَرُ
فَمَا وَنِيّنَا وَمَا خِمْنَا وَمَا خَبَرُوا ... مِنّا عِثَارًا وَكُلّ النّاسِ قَدْ عَثَرُوا.
[ وَجَدَ الْأَنْصَارُ لِحِرْمَانِهِمْ فَاسْتَرْضَاهُمْ الرّسُولُ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ [ ص 498 ] قَالَ حَدّثَنَا ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ وَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، . عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ . قَالَ لَمّا أَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا ، فِي قُرَيْشٍ وَفِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ وَجَدَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ ؟ حَتّى كَثُرَتْ مِنْهُمْ الْقَالَةُ حَتّى قَالَ قَائِلُهُمْ لَقَدْ لَقِيَ وَاَللّهِ رَسُولُ اللّهِ قَوْمَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْك فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْت فِي هَذَا الْفَيْءِ [ ص 499 ] الْعَرَبِ ، وَلَمْ يَكُ فِي هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ . قَالَ فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا أَنَا إلّا مِنْ قَوْمِي . قَالَ فَاجْمَعْ لِي قَوْمَك فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ . قَالَ فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ الْأَنْصَارَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ . قَالَ فَجَاءَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ فَدَخَلُوا ، وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدّهُمْ . فَلَمّا اجْتَمَعُوا لَهُ أَتَاهُ سَعْدٌ فَقَالَ قَدْ اجْتَمَعَ لَك هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ : مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا عَلَيّ فِي أَنْفُسِكُمْ ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلّالًا فَهَدَاكُمْ اللّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللّهُ وَأَعْدَاءً فَأَلّفَ اللّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ قَالُوا : بَلَى ، اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنّ وَأَفْضَلُ . ثُمّ قَالَ أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ؟ قَالُوا : بِمَاذَا نُجِيبُك يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفَضْلُ . قَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَا وَاَللّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدّقْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذّبًا فَصَدّقْنَاك ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاك ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاك ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاك . أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدّنْيَا تَأَلّفْت بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا . وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النّاسُ بِالشّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللّهِ إلَى رِحَالِكُمْ ؟ فَوَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ ، وَلَوْ سَلَكَ النّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا ، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ . اللّهُمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ . وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ . قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ وَقَالُوا : رَضِينَا بِرَسُولِ اللّهِ قَسْمًا ، وَحَظّا . ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَفَرّقُوا [ ص 500 ]
[ عُمْرَةُ الرّسُولِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ ]
وَاسْتِخْلَافُهُ عَتّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكّةَ
وَحَجّ عَتّابٌ بِالْمُسْلِمِينَ سَنَةَ ثَمَانِي
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمّ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مُعْتَمِرًا ، وَأَمَرَ بِبَقَايَا الْفَيْءِ فَحُبِسَ بِمَجَنّةَ ، بِنَاحِيَةِ مَرّ الظّهْرَانِ ، فَلَمّا فَرَغَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ عُمْرَتِهِ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ ، وَاسْتَخْلَفَ عَتّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكّةَ ، وَخَلّفَ مَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ، يُفَقّهُ النّاسَ فِي الدّينِ وَيُعَلّمُهُمْ الْقُرْآنَ وَاتّبِعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِبَقَايَا الْفَيْءِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَلَغَنِي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنّهُ قَالَ لَمّا اسْتَعْمَلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَتّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكّةَ رَزَقَهُ كُلّ يَوْمٍ دِرْهَمًا ، فَقَامَ فَخَطَبَ النّاسَ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ أَجَاعَ اللّهُ كَبِدَ مَنْ جَاعَ عَلَى دِرْهَمٍ ، فَقَدْ رَزَقَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دِرْهَمًا كُلّ يَوْمٍ فَلَيْسَتْ . بِي حَاجَةٌ إلَى أَحَدٍ
[وَقْتُ الْعُمْرَةِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَتْ عُمْرَةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَقَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ فِي بَقِيّةِ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ فِي ذِي الْحِجّةِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَقَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ لِسِتّ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فِيمَا زَعَمَ أَبُو عَمْرٍو الْمَدَنِيّ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَجّ النّاسُ تِلْكَ السّنَةَ عَلَى مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَحُجّ عَلَيْهِ وَحَجّ بِالْمُسْلِمِينَ تِلْكَ السّنَةَ عَتّابُ بْنُ أَسِيدٍ ، وَهِيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَقَامَ أَهْلُ الطّائِفِ عَلَى [ ص 501 ] شِرْكِهِمْ وَامْتِنَاعِهِمْ فِي طَائِفِهِمْ مَا بَيْنَ ذِي الْقَعْدَةِ إذْ انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ .
[ أَمْرُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ بَعْدَ الِانْصِرَافِ عَنْ الطّائِفِ ]
وَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ مُنْصَرَفِهِ عَنْ الطّائِفِ كَتَبَ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى إلَى أَخِيهِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ يُخْبِرُهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَتَلَ رِجَالًا بِمَكّةَ ، مِمّنْ كَانَ يَهْجُوهُ وَيُؤْذِيهِ وَأَنّ مَنْ بَقِيَ مِنْ شُعَرَاءِ قُرَيْشٍ ، ابْنَ الزّبَعْرَى وَهُبَيْرَةَ بْنَ أَبِي وَهْبٍ ، قَدْ هَرَبُوا فِي كُلّ وَجْهٍ فَإِنْ كَانَتْ لَك فِي نَفْسِك حَاجَةٌ فَطِرْ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّهُ لَا يَقْتُلُ أَحَدًا جَاءَهُ تَائِبًا ، وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَانْجُ إلَى نَجَائِك مِنْ الْأَرْضِ وَكَانَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ قَدْ قَالَ
أَلَا أَبْلِغَا عَنّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... فَهَلْ لَكَ فِيمَا قُلْتُ وَيْحَك هَلْ لَكَا ؟
فَبَيّنْ لَنَا إنْ كُنْتَ لَسْتَ بِفَاعِلٍ ... عَلَى أَيّ شَيْءٍ غَيْرَ ذَلِكَ دَلّكَا
عَلَى خُلُقٍ لَمْ أُلْفِ يَوْمًا أَبَا لَهُ ... عَلَيْهِ وَمَا تُلْفِي عَلَيْهِ أَبَا لَكَا
فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَلَسْتُ بِآسِفٍ ... وَلاَ قَائِلٌ إِمّا عَثَرْتَ لَعًا لَكَا
سَقَاكَ بِهَا الْمَأْمُونُ كَأْسًا رَوِيّةً ... فَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلّكَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُرْوَى " الْمَأْمُورُ " . وَقَوْلُهُ " فَبَيّنْ لَنَا " : عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ ، [ ص 502 ]
مَنْ مُبْلِغٌ عَنّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... فَهَلْ لَكَ فِيمَا قُلْت بِالْخَيْفِ هَلْ لَكَا
شَرِبْتَ مَعَ الْمَأْمُونِ كَأْسًا رَوِيّةً ... فَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلّكَا
وَخَالَفْتَ أَسْبَابَ الْهُدَى وَاتّبَعْتَهُ ... عَلَى أَيّ شَيْءٍ وَيْبَ غَيْرِك دَلّكَا
عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمّا وَلَا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا
فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَلَسْتُ بِآسِفِ ... وَلَا قَائِلٍ إمّا عَثَرْتَ لَعًا لَكَا
قَالَ وَبَعَثَ بِهَا إلَى بُجَيْرٍ ، فَلَمّا أَتَتْ بُجَيْرًا كَرِهَ أَنْ يَكْتُمَهَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَنْشَدَهُ إيّاهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا سَمِعَ " سَقَاك بِهَا الْمَأْمُونُ " : صَدَقَ وَإِنّهُ لَكَذُوبٌ ، أَنَا الْمَأْمُونُ . وَلَمّا سَمِعَ " عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمّا وَلَا أَبًا عَلَيْهِ " قَالَ أَجَلْ لَمْ يُلْفِ عَلَيْهِ أَبَاهُ وَلَا أُمّهُ . ثُمّ قَالَ بُجَيْرٌ لِكَعْبِ
مَنْ مُبْلِغٌ كَعْبًا فَهَلْ لَكَ فِي الّتِي ... تَلُومُ عَلَيْهَا بَاطِلًا وَهْيَ أَحْزَمُ
إلَى اللّهِ ( لَا الْعُزّى وَلَا اللّاتِ ) وَحْدَهُ ... فَتَنْجُو إذَا كَانَ النّجَاءُ وَتَسْلَمُ
لَدَى يَوْمِ لَا يَنْجُو وَلَيْسَ بِمُفْلِتٍ ... مِنْ النّاسِ إلّا طَاهِرُ الْقَلْبِ مُسْلِمُ
فَدِينُ زُهَيْرٍ وَهُوَ لَا شَيْءَ دِينُهُ ... وَدِينُ أَبِي سُلْمَى عَلَى مُحَرّمِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَإِنّمَا يَقُولُ كَعْبٌ " الْمَأْمُونُ " ، وَيُقَالُ " الْمَأْمُورُ " فِي قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ لِقَوْلِ قُرَيْشٍ الّذِي كَانَتْ تَقُولُهُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
[ قُدُومُ كَعْبٍ عَلَى الرّسُولِ وَقَصِيدَتُهُ اللّامِيّةُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمّا بَلَغَ كَعْبًا الْكِتَابُ ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَأَشْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ [ ص 503 ] كَانَ فِي حَاضِرِهِ مِنْ عَدُوّهِ فَقَالُوا : هُوَ مَقْتُولٌ . فَلَمّا لَمْ يَجِدْ مِنْ شَيْءٍ بُدّا ؟ قَالَ قَصِيدَتَهُ الّتِي يَمْدَحُ فِيهَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَذَكَرَ فِيهَا خَوْفَهُ وَإِرْجَافَ الْوُشَاةِ بِهِ مِنْ عَدُوّهِ ثُمّ خَرَجَ حَتّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَنَزَلَ عَلَى رَجُلٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةٌ . مِنْ جُهَيْنَةَ ، كَمَا ذُكِرَ لِي ، فَغَدَا بِهِ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ صَلّى الصّبْحَ فَصَلّى مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ أَشَارَ لَهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ هَذَا رَسُولُ اللّهِ فَقُمْ إلَيْهِ فَاسْتَأْمِنْهُ . فَذُكِرَ لِي أَنّهُ قَامَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى جَلَسَ إلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَعْرِفُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ قَدْ جَاءَ لِيَسْتَأْمِنَ مِنْك تَائِبًا مُسْلِمًا ، فَهَلْ أَنْتَ قَابِلٌ مِنْهُ إنْ أَنَا جِئْتُك بِهِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَعَمْ ؟ قَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ : أَنّهُ وَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ دَعْنِي وَعَدُوّ اللّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دَعْهُ عَنْك فَإِنّهُ قَدْ جَاءَ تَائِبًا ، نَازِعًا ( عَمّا كَانَ عَلَيْهِ ) قَالَ فَغَضِبَ كَعْبٌ عَلَى هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ ، لِمَا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُهُمْ وَذَلِكَ أَنّهُ لَمْ يَتَكَلّمْ فِيهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ إلّا بِخَيْرِ فَقَالَ فِي قَصِيدَتِهِ الّتِي قَالَ حِينَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 504 ]
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مُتَبْولُ ... مُتَيّمٌ إثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ الْبَيْنِ إذْ رَحَلُوا ... إلّا أَغَنّ غَضِيضُ الطّرْفِ مَكْحُولُ
هَيْفَاءُ مُقْبِلَةً عَجْزَاءُ مُدْبِرَةً ... لَا يُشْتَكَى قِصَرٌ مِنْهَا وَلَا طُولُ
تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إذَا ابْتَسَمَتْ ... كَأَنّهُ مُنْهَلٌ بِالرّاحِ مَعْلُولُ
شُجّتْ بِذِي شَيَمٍ مِنْ مَاءِ مَحْنِيَةٍ ... صَافٍ بِأَبْطَحَ أَضْحَى وَهْوَ مَشْمُولُ
تَنْفِي الرّيَاحُ الْقَذَى عَنْهُ وَأَفْرَطَهُ ... مِنْ صَوْبِ غَادِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
فَيَالَهَا خُلّةً لَوْ أَنّهَا صَدَقَتْ ... بِوَعْدِهَا أَوْ لَوَ انّ النّصْحَ مَقْبُولُ
لَكِنّهَا خُلّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِهَا ... فَجْعٌ وَوَلْغٌ وَإِخْلَافٌ وَتَبْدِيلُ
فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا ... كَمَا تَلَوّنُ فِي أَثْوَابِهَا الْغُولُ
وَمَا تَمَسّكُ بِالْعَهْدِ الّذِي زَعَمَتْ ... إلّا كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
فَلَا يَغُرّنْكَ مَا مَنّتْ وَمَا وَعَدَتْ ... إنّ الْأَمَانِيّ وَالْأَحْلَامَ تَضْلِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا ... وَمَا مَوَاعِيدُهَا إلّا الْأَبَاطِيلُ
أَرْجُو وَآمُلُ أَنْ تَدْنُو مَوَدّتُهَا ... وَمَا إخَالُ لَدَيْنَا مِنْكِ تَنْوِيلُ
أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضٍ لَا يُبَلّغُهَا ... إلّا الْعِتَاقُ النّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ
وَلَنْ يُبَلّغَهَا إلّا عُذَافِرَةٌ ... لَهَا عَلَى الْأَيْنِ إرْقَالٌ وَتَبْغِيلُ
مِنْ كُلّ نَضّاخَةِ الذّفْرَى إذَا عَرِقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ
تَرْمِي الْغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرِدٍ لَهَقٍ ... إذَا تَوَقّدَتْ الْحِزّانُ وَالْمِيلُ
ضَخْمٌ مُقَلّدُهَا فَعْمٌ مُقَيّدُهَا ... فِي خَلْقِهَا عَنْ بَنَاتِ الْفَحْلِ تَفْضِيلُ
غَلْبَاءُ وَجْنَاءُ عُلْكُومٌ مُذَكّرَةٌ ... فِي دَفّهَا سَعَةٌ قُدّامُهَا مِيلُ
وَجِلْدُهَا مِنْ أُطُومٍ مَا يُؤَيّسُهُ ... طِلْحٌ بِضَاحِيَةِ الْمَتْنَيْنِ مَهْزُولُ
حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوهَا مِنْ مُهَجّنَةٍ ... وَعَمّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ
يَمْشِي الْقُرَادُ عَلَيْهَا ثُمّ يُزْلِقُهُ ... مِنْهَا لَبَانٌ وَأَقْرَابٌ زَهَالِيلُ
عَيْرَانَةٌ قُذِفَتْ بِالنّحْضِ عَنْ عُرُضٍ ... مِرْفَقُهَا عَنْ بَنَاتِ الزّوْرِ مَفْتُولُ
كَأَنّمَا فَاتَ عَيْنَيْهَا وَمَذْبَحَهَا ... مِنْ خَطْمِهَا وَمِنْ اللّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
تَمُرّ مِثْلَ عَسِيبِ النّخْلِ ذَا خُصَلٍ ... فِي غَارِزٍ لَمْ تَخَوّنْهُ الْأَحَالِيلُ
قَنْوَاءُ فِي حُرّتَيْهَا لِلْبَصِيرِ بِهَا ... عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الْخَدّيْنِ تَسْهِيلُ
تَخْدِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهْيَ لَاحِقَةٌ ... ذَوَابِلٍ مَسّهُنّ الْأَرْضَ تَحْلِيلُ
سُمْرِ الْعُجَايَاتِ يَتْرُكْنَ الْحَصَى زِيَمًا ... لَمْ يَقِهِنّ رُءُوسَ الْأُكْمِ تَنْعِيلُ
كَأَنّ أَوْبَ ذِرَاعَيْهَا وَقَدْ عَرِقَتْ ... وَقَدْ تَلَفّعَ بِالْقُورِ الْعَسَاقِيلُ
[ ص 505 ] [ ص 506 ] [ ص 507 ] [ ص 508 ]
يَوْمًا يَظَلّ بِهِ الْحِرْبَاءُ مُصْطَخِدًا ... كَأَنّ ضَاحِيَهُ بِالشّمْسِ مَمْلُولُ
وَقَالَ لِلْقَوْمِ حَادِيهِمْ وَقَدْ جَفَلَتْ ... وُرْقُ الْجَنَادِبِ يَرْكُضْنَ الْحَصَا قِيلُوا
شَدّ النّهَارِ ذِرَاعَا عَيْطَلٍ نَصَفٍ ... قَامَت فَجَاوَبَهَا نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
نَوّاحَةٍ رِخْوَةِ الضّبْعَيْنِ لَيْسَ لَهَا ... لَمّا نَعَى بِكْرَهَا النّاعُونَ مَعْقُولُ
تَفْرِى اللّبَانَ بِكَفّيْهَا وَمِدْرَعُهَا ... مُشَقّقٌ عَنْ تَرَاقِيهَا رَعَابِيلُ
تَسْعَى الْغُوَاةُ جَنَابَيْهَا وَقَوْلُهُمْ ... إنّك يَا بْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ
وَقَالَ كُلّ صَدِيقٍ كُنْتُ آمُلُهُ ... لَا أُلْهِيَنّكَ إنّي عَنْكَ مَشْغُولُ
فَقُلْتُ خَلّوا سَبِيلِي لَا أَبَا لَكُمْ ... فَكُلّ مَا قَدّرَ الرّحْمَنُ مَفْعُولُ
كُلّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ ... يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ
نُبّئْتُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ أَوْعَدَنِي ... وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ مَأْمُولُ
مَهْلًا هَدَاك الّذِي أَعْطَاك نَافِلَةَ الْ ... قُرْآنِ فِيهَا مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ
لَا تَأْخُذَنّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ ... أُذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ فِيّ الْأَقَاوِيلُ
لَقَدْ أَقُومُ مَقَامًا لَوْ يَقُومُ بِهِ ... أَرَى وَأَسْمَعُ مَا لَوْ يَسْمَعُ الْفِيلُ
لَظَلّ يَرْعَدُ إلّا أَنْ يَكُونَ لَهُ ... مِنْ الرّسُولِ بِإِذْنِ اللّهِ تَنْوِيلُ
حَتّى وَضَعْتُ يَمِينِي مَا أُنَازِعُهُ ... فِي كَفّ ذِي نَقِمَاتٍ قِيلُهُ الْقِيلُ
فَلَهْوَ أَخْوَفُ عِنْدِي إذْ أُكَلّمُهُ ... وَقِيلَ إنّكَ مَنْسُوبٌ وَمَسْئُولُ
مِنْ ضَيْغَمٍ بِضَرَاءِ الْأَرْضِ مُخْدَرُهُ ... فِي بَطْنِ عَثّرَ غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ
يَغْدُو فَيُلْحِمُ ضِرْغَامَيْنِ عَيْشُهُمَا ... لَحْمُ مِنْ النّاسِ مَعْفُورٌ خَرَادِيلُ
إذَا يُسَاوِرُ قِرْنًا لَا يَحِلّ لَهُ ... أَنْ يَتْرُكَ الْقِرْنَ إلّا وَهُوَ مَفْلُولُ
مِنْهُ تَظَلّ سِبَاعُ الْجَوّ نَافِرَةً ... وَلَا تَمَشّى بِوَادِيهِ الْأَرَاجِيلُ
وَلَا يَزَالُ بِوَادِيهِ أَخُو ثِقَةٍ ... مُضَرّجُ الْبَزّ وَالدّرْسَانِ مَأْكُولُ
إنّ الرّسَولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ... مُهَنّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللّهِ مَسْلُولُ
[ ص 509 ] [ ص 510 ] [ ص 511 ] [ ص 512 ]
فِي عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ ... بِبَطْنِ مَكّةَ لَمّا أَسْلَمُوا زُولُوا
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفُ ... عِنْدَ اللّقَاءِ وَلَا مِيلٌ مَعَازِيلُ
شُمّ الْعَرَانِينِ أَبْطَالُ لَبُوسُهُمْ ... مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ
بِيضٌ سَوَابِغُ قَدْ شُكّتْ لَهَا حَلَقٌ ... كَأَنّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ
لَيْسُوا مَفَارِيحَ إنْ نَالَتْ رِمَاحُهُمْ ... قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إذَا نِيلُوا
يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالِ الزّهْرِ يَعْصِمُهُمْ ... ضَرْبٌ إذَا عَرّدَ السّودُ التّنَابِيلُ
لَا يَقَعَ الطّعْنُ إلّا فِي نُحُورِهِمْ ... وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ
[ ص 513 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ [ ص 514 ] قَالَ كَعْبٌ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ بَعْدَ قُدُومِهِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ . وَبَيْتُهُ " حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوهَا " وَبَيْتُهُ " يَمْشِي الْقُرَادُ " ، وَبَيْتُهُ " عَيْرَانَةٌ قُذِفَتْ " ، وَبَيْتُهُ " تُمِرّ مِثْلَ عَسِيبِ النّخْلِ " ، وَبَيْتُهُ " تَفْرِي اللّبَان " ، وَبَيْتُهُ " إذَا يُسَاوِرُ قِرْنَا " ، وَبَيْتُهُ " وَلَا يَزَالُ بِوَادِيهِ " : عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
[ اسْتِرْضَاءُ كَعْبٍ الْأَنْصَارَ بِمَدْحِهِ إيّاهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ : فَلَمّا قَالَ كَعْبٌ " إذَا عَرّدَ السّودُ التّنَابِيلُ " ، وَإِنّمَا يُرِيدُنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، لِمَا كَانَ صَاحِبُنَا صَنَعَ بَهْ مَا صَنَعَ وَخَصّ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمِدْحَتِهِ غَضِبَتْ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ ؛ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يَمْدَحُ الْأَنْصَارَ ، وَيَذْكُرُ بَلَاءَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَوْضِعَهُمْ مِنْ الْيَمَنِ [ ص 515 ]
مَنْ سَرّهُ كَرْمُ الْحَيَاةِ فَلَا يَزَلْ ... فِي مِقْنَبٍ مِنْ صَالِحِي الْأَنْصَارِ
وَرِثُوا الْمَكَارِمَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ ... إنّ الْخِيَارَ هُمْ بَنُو الْأَخْيَارِ
الْمُكْرِهِينَ السّمْهَرِيّ بِأَذْرُعٍ ... كَسَوَالِفِ الْهِنْدِيّ غَيْرَ قِصَارِ
وَالنّاظِرِينَ بِأَعْيُنٍ مُحْمَرّةٍ ... كَالْجَمْرِ غَيْرَ كَلَيْلَةِ الْأَبْصَارِ
وَالْبَائِعِينَ نُفُوسَهُمْ لِنَبِيّهِمْ ... لِلْمَوْتِ يَوْمَ تَعَانُقٍ وَكِرَارِ
وَالْقَائِدِينَ النّاسَ عَنْ أَدْيَانِهِمْ ... بِالْمَشْرَفِيّ وَبِالْقَنَا الْخَطّارِ
يَتَطَهّرُونَ يَرَوْنَهُ نُسْكًا لَهُمْ ... بِدِمَاءِ مَنْ عَلِقُوا مِنْ الْكُفّارِ
دَرِبُوا كَمَا دَرِبَتْ بِبَطْنٍ خَفِيّةٍ ... غُلْبُ الرّقَابِ مِنْ الْأَسْوَدِ ضَوَارِي
وَإِذَا حَلَلْتَ لِيَمْنَعُوك إلَيْهِمْ ... أَصْبَحْتَ عِنْدَ مَعَاقِلِ الْأَعْفَارِ
ضَرَبُوا عَلِيّا يَوْمَ بَدْرٍ ضَرْبَةً ... دَانَتْ لِوَقْعَتِهَا جَمِيعُ نِزَارِ
لَوْ يَعْلَمُ الْأَقْوَامُ عِلْمِي كُلّهُ ... فِيهِمْ لَصَدّقَنِي الّذِينَ أُمَارِي
قَوْمٌ إذَا خَوَتْ النّجُومُ فَإِنّهُمْ ... لِلطّارِقِينَ النّازِلِينَ مَقَارِي
فِي الْغُرّ مِنْ غَسّانَ مِنْ جُرْثُومَةٍ ... أَعْيَتْ مَحَافِرُهَا عَلَى الْمِنْقَارِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُ حَيْنَ أَنْشَدَهُ " بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ
لَوْلَا ذَكَرْت الْأَنْصَارَ بِخَيْرِ ، فَإِنّهُمْ لِذَلِكَ أَهْلٌ فَقَالَ كَعْبٌ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ وَهِيَ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَذَكَرَ لِي عَنْ عَلِيّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ أَنّهُ قَالَ أَنْشَدَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَسْجِدِ " بَانَتْ سُعَادٌ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ
كتاب : السيرة النبوية لابن هشام
المؤلف : أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
أعجبني
لم يعجبني