من طرف فريق العمل الجمعة 4 سبتمبر 2015 - 13:40
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من احكام المقابر والجنائز وتكفين الموتى ونقلهم
رقم الفتوى: ( 1046 )
الموضوع:
الانتفاع بأرض الجبانات المندثرة.
المفتى:
فضيلة الشيخ أحمد هريدى. 12 يناير 1969 م.
المبادئ :
يجوز الانتفاع بأرض الجبانات المندثرة إذا بليت العظام التى بها ولم يبق لها أثر - سواء كانت تلك الأرض موقوفة أو مرصودة للمنفعة العامة، بشرط عدم نبش القبور أخذا بمذهب الإمام محمد.
سُئل :
بالطلب المقيد برقم 4 سنة 1969 المتضمن أنه يوجد بقرية المنشأة الكبرى مركز كفر شكر مقبرة للمسلمين. وقد توقف الدفن بها منذ خمسين سنة. ومنذ خمس سنين صرحت وزارة الصحة لأحد أهالى القرية المذكورة بنقل رفات الموتى الموجودة بها إلى مقبرة أخرى وتم ذلك. كما قام أهل البلدة بتسويتها وأقيم ملعب رياضى عليها. وأن أهل القرية يرغبون فى إقامة مدرسة إعدادية، وقد وقع اختيارهم لمكان المدرسة على أرض هذه المقبرة المذكورة. وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى إقامة هذه المدرسة وما يتبعها من دورات مياه وخلافه على ارض هذه المقبرة والحال كما تقدم بيانه.
أجاب :
المنصوص عليه شرعا أن الجبانة المندثرة إذا بطل الدفن فيها بالاستغناء عنها بأرض أخرى أو بأى سبب آخر، فإن كان لا يزال بها عظام فهى على ما هى عليه، لبقاء المنفعة التى من أجلها وقفت، إذ لا يجوز نبشها شرعا فى هذه الحالة. وإن اندثرت بحيث لم يبق بها عظام أو لم يدفن فيها أو فى بعضها، ولا يرجى أن يعود الدفن فى وقت من الأوقات، فقد حصل خلاف بين أبى يوسف ومحمد. فمحمد يقول ببطلان وقفها وتعود إلى ملك الواقف إن كان حيا أو إلى ورثته إن كان ميتا، وإن لم تكن له ورثة تكون لمصالح عامة المسلمين مطلقا. وعند أبى يوسف تبقى وقفا أبدا على هذه الجهة، كما فى المسجد إذا تخرب واستغنى الناس عنه. هذا إذا كانت الأرض موقوفة أو مرصودة، لأنه وإن لم يتحقق الوقف فيها إلا أنه يلزم تأييدها إلى الجهة المرصد عليها، وإذا كانت خاصة فإنها مثل الموقوفة يجوز الدفن فيها، لتحقق شرط التسليم على مذهب الإمام محمد.
وخلاصة القول أنه يجوز لولى الأمر سواء أكانت أرض الجبانات موقوفة أو مرصودة الانتفاع بها لأغراض المنافع العامة ما لم يترتب عليها نبش القبور. وعلى ذلك فإنه يجوز الانتفاع بأرض الجبانات التى اندثرت وبليت العظام بها ولم يبق لها اثر. وذلك لتيسير الانتفاع ولتحقق المصالح الملائمة لقواعد الدين الإسلامى التى كلها يسر ورحمة لأن العمل بمذهب الإمام محمد أيسر وأوفق بمقاصد الدين السمحة. وأما مذهب أبى يوسف فيجعل الأرض مهملة بدون انتفاع، فيترتب عليه ضرر بالمصالح التى عينها الواقف بتفويت المنفعة وفى حادثة السؤال المصلحة واضحة، ورؤى العمل بمذهب الإمام محمد فى هذا الشأن. ومن ثم يجوز لولى الأمر أن يتصرف فى هذه المقبرة بما فيه المصلحة العامة للمسلمين، بإقامة المنشآت العامة عليها كالمدرسة بشرط أن لا يكون فيها شئ من رفات الموتى. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال. والله تعالى أعلم.